“أجمل رياضة في العالم”… خلال 12 عاماً من فترة حبريته، لم يخف البابا فرنسيس شغفه بكرة القدم التي عدها وسيلة للسلام والتعليم.
من مواطنيه ليونيل ميسي ودييغو مارادونا مروراً بالسويدي زلاتان إبراهيموفيتش والإيطالي جانلويجي بوفون، استقبل خورخي بيرغوليو أكبر نجوم كرة القدم في الفاتيكان، موقعاً على عشرات القمصان والكرات من الزوايا الأربع للعالم.
رغم ممارسته اللعبة الشعبية خلال صغره في شوارع بوينس أيرس بكرة مصنوعة من الخرق، فإن البابا الذي غيبه الموت، اليوم الإثنين، عن 88 سنة، لم يلمع في الملاعب.
وأقر في سيرته الذاتية “أمل” الصادرة مطلع 2025 “في بوينس أيرس، كان يطلق على أمثالي باتا دورا، أي لدي قدمان يسريان، لكني كنت أمارس اللعبة غالباً كحارس مرمى”.
لا ينفصل شغف البابا الـ266 بكرة القدم عن ارتباطه بنادي سان لورينزو في بوينس أيرس وبملعب فييخو غاسوميترو المهدم الآن، حيث كان يذهب لمشاهدة المباريات مع والده وأشقائه. وتذكر “كانت كرة قدم رومانسية وعائلية”.
وحتى بعد انتخابه في 2013، احتفظ البابا فرنسيس ببطاقته كمشجع (سوسيو) للفريق الأزرق والأحمر.
وبقي على إطلاع على نتائج الفريق، بفضل أحد أفراد حراسه السويسريين الذي كان يتركها مع ترتيب الدوري على مكتبه.
واحتفل بعديد من القداديس الضخمة بملاعب كرة القدم خلال رحلاته إلى الخارج، ففي سبتمبر (أيلول) 2023، قدم له مشجعو نادي مارسيليا الفرنسي مفاجأة برفعهم لافتتين ضخمتين (تيفو) تحملان صورته على المدرج الجنوبي في استاد فيلودروم.
وبحسب ما قال المونسنيور إيمانويل غوبيليار، مندوب الفاتيكان إلى ألعاب باريس الأولمبية 2024 الذي رافق مجموعات من الرياضيين إلى روما في مناسبات عدة “لا فرق سواء كنت لاعب كرة قدم هاوياً أو محترفاً، سواء أحببت مشاهدتها على التلفاز: هذه الرياضة جزء من حياة الناس. هكذا كانت مقاربته”.
وبعيداً من اعتباره الرياضة في غاية عينها، فضل اليسوعي الأرجنتيني أن يرى في كرة القدم وسيلة للسلام والتعليم، رغم حالات الفساد وحجم المال المنفق عليها.
في عام 2014 وبمبادرة منه، استضاف الملعب الأولمبي في روما “مباراة بين الأديان” من أجل السلام.
وأعلن في 2019 “يرى كثر أن كرة القدم هي الرياضة الأجمل في العالم. أنا أعتقد ذلك أيضاً”.
ومنذ 2012، ذكر اللاعبين بـ”مسؤولياتهم الاجتماعية”، أمام وفود لفرق إيطالية وأرجنتينية، محذراً من التجاوزات “التجارية” و”أخطار تلويث” المال لكرة القدم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف الأسقف غوبيليار أن نقطة مشتركة مع الدين هي “وضع المصلحة الجماعية فوق كل اعتبار لتجاوز المصلحة الفردية. نحن في خدمة شيء أعظم من ذواتنا يتجاوزنا شخصياً وجماعياً”، متذكراً نظرته “اللامعة” بمجرد ذكر اسم أحد اللاعبين.
هذا الإعجاب بكرة القدم الذي لم يخفه البابا الراحل تطرقت إليه هوليوود أيضاً: في الفيلم الناجح “الباباوان” الذي عرض على “نتفليكس” عام 2019، حين كان يشاهد البابا الراحل بنديكتوس الـ16 والكاردينال بيرغوليو المباراة النهائية لكأس العالم بين بلديهما الأرجنتين وألمانيا معاً.
في مشهد خيالي بحت، لأن البابا “فرانتشيسكو” أقر بأنه توقف عن مشاهدة التلفاز منذ 1990 بقرار شخصي، فيما كان عالم اللاهوت الألماني يفضل الموسيقى الكلاسيكية والقراءة.
ولم يتطرق البابا فرنسيس إلى كأس العالم 1978، أثناء فترة الديكتاتورية في الأرجنتين، عندما كان مسؤولاً عن اليسوعيين.
“كلاعب، كان مارادونا عظيماً، لكنه أخفق كإنسان”، هكذا وصف لصحافي إيطالي أواخر 2023 “الولد الذهبي” لكرة القدم الأرجنتينية الذي عكرت المخدرات والكحول مسيرته الرياضية الخارقة.
في سيرة ذاتية ظهرت عام 2024، خصص فصلاً كاملاً لـ”يد الله”، الهدف الذي سجله مارادونا بيده في ربع نهائي مونديال 1986 بمرمى إنجلترا “عندما استقبلته قبل أعوام في الفاتيكان، مازحته قائلاً أي يد هي المذنبة”.
ووصف ليونيل ميسي، أفضل لاعب في العالم ثماني مرات، بـ”المهذب”، لكنه أقر لشبكة “راي” الإيطالية “بالنسبة إلي، من بين الثلاثة، فان الجنتلمان الكبير هو (النجم البرازيلي الراحل) بيليه. رجل يملك قلباً كبيراً”.
وإذا كان من السهل تخمين حبه للمنتخب الأرجنتيني، إلا أن رأس الكنيسة الكاثوليكية تجنب دوماً الانحياز.
وفي عام 2022، وقبل نهائي مونديال قطر بين بلاده وفرنسا، دعا الفائز إلى الاحتفال “بتواضع”.