فى ركن هادئ بعيدًا عن الصخب جاء معرض “أرضية مشتركة” كدعوة للتأمل والتفكير فى الروابط المشتركة “العابرة للزمان والمكان” بين أعماله المتنوعة من مختلف أنحاء العالم العربى، المعرض الذى نظمته مجموعة “مقتنيات دبى” هذا العام ضمن “آرت دبى 2025” الذى اختتم فعالياته هذا الأسبوع جاء مختلفًا، ليس فقط على مستوى المضمون وإنما أيضًا فى روحه ومنهج صناعته، حيث لم يتول القيمون الفنيون وحدهم إعداد المعرض، بل أسندت مهمة تنسيقه لطالبات من جامعة زايد، خضن تجربة جديدة في اختيار الأعمال وتقديمها برؤية سردية متكاملة، تحت إشراف الدكتورة ندى شبوط، أستاذة تاريخ الفن فى جامعة شمال تكساس، والمستشارة التنظيمية للمبادرة، والقيمة الفنية المكسيكية ماغالى أريولا.
الطلاب يرسمون ملامح المعرض
تقول الدكتورة ندى شبوط لـ”اليوم السابع”: “هذا المعرض من المقتنيات، عمل عليه طلاب وطالبات من جامعة زايد. أنا وماغالي كنا المرشدين، ساعدناهم في الخيارات، ولكنهم من قاموا بعمل قصة ليعرضونها، فكرة المعرض واسمه تدور حول الأرض مشتركة، حول وجود أفكار وأحاسيس مشتركة بين مجموعة من الأعمال والثقافات. كل الفنانين هنا عرب، ما بين معاصر وقديم، والأعمال كأنها تكلم بعضها رغم اختلاف الزمن أو السياق”.
التجربة كتمرين أكاديمي
شبوط، التي كانت عضوًا في لجنة “مقتنيات دبي” منذ انطلاقتها، ترى أن هذه المبادرة تتجاوز فكرة عرض فني، وتصفها بأنها تمرين تأريخي ومنهجي، كما تؤكد أهمية المساحة الأكاديمية التى توفرها “مقتنيات دبى” من خلال هذه الشراكة، مشيرة إلى أن هذه المنصة أصبحت تُستخدم في دراسات جامعية بالولايات المتحدة، وأن حضورها على الإنترنت يجعلها بمثابة “متحف افتراضي” يعوض غياب المتحف الفعلي للفن الحديث في دبي.
منصة تعليمية ومجتمعية
المعرض هو ثمرة تعاون بين “مقتنيات دبي” وكلية الفنون والصناعات الإبداعية في جامعة زايد. وقد أوضحت شبوط أن فكرة تكليف الطالبات بتنظيم المعرض جاءت من رغبة حقيقية في بناء رابط بين التعليم الأكاديمي والخبرة العملية، وتمكين الطلاب من التفاعل المباشر مع الحقل الثقافي.
وتضيف: “لا يوجد في دبي متحف للفن الحديث، ومقتنيات دبي تعوض هذا النقص من خلال متحف افتراضي غني، يمنح فرصة للباحثين والأكاديميين أن يتفاعلوا مع المادة الفنية بشكل حقيقي”.
عن المقتنيات.. والهوية المشتركة
الاختيارات في “أرضية مشتركة” لم تكن عشوائية، بل جرت وفق رؤية سردية، تعكس ارتباط الفنانين، رغم اختلاف خلفياتهم وجنسياتهم، بأفكار مشتركة حول الهوية والانتماء والمكان.
تقول شبوط: “مقتنيات دبي متنوعة، فيها فنانين من العراق وتونس والجزائر والإمارات.. الفكرة أنه رغم الفردية، تظل هناك أراضي مشتركة تجمعهم، وكل عمل في المعرض يتحدث عن هذا الرابط”.
المعرض يضم أعمالًا من مجموعات فنية تعود إلى أعوام مختلفة، بعضها أنتج فى 1949، وتقدم مشاهدات متقاطعة عن مفاهيم مثل الجغرافيا، الزمن، والانتماء، عبر لوحات لفنانين مثل طلال النجار، لمياء الحاج، وجمعة قرقاش.
نحو دور أوسع للمقتنيات
تأمل شبوط أن تشكل “مقتنيات دبي” منصة دائمة للحفظ والتأريخ والمشاركة وتقول لـ”اليوم السابع”: “الهدف أن تساهم المقتنيات في إثراء المعرفة، وتقديم محتوى ثقافي وتعليمي، وأن تبقى حاضرة على الدوام كأداة للبحث والتعليم، وليس فقط للعرض الموسمي”.
وبينما يكتسب المعرض بُعدًا أكاديميًا، يظل صوته إنسانيًا، يرصد عبر الأعمال مشاعر الانفصال والاتصال، الخسارة والانتماء، ليؤكد أن الفن، يبقى مساحة أصيلة للبحث عن الذات وأيضًا لفهم والتواصل مع الآخر.
يشار إلى أن مجموعة “مقتنيات دبي” تأسست عام 2021 تحت رعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات، رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، لتكون أول مجموعة فنية مؤسسية في المدينة تركز على الفن الحديث والمعاصر.
الدكتورة ندى شبوط

جانب من معرض أرضية مشتركة

جانب من المعرض

جانب من معرض أرضية مشتركة

زوار في معرض أرضية مشتركة

معرض أرضية مشتركة