خلفية
إن قابلية الأردن للتأثر بالتغير المناخي واعتماده على الموارد الخارجية يجعل منه دراسة حالة رئيسية لفهم كيف يمكن للمقاربات الشاملة أن تدفع العمل المناخي الهادف. يستكشف هذا التقرير مشهد العمل المناخي المتطور في الأردن، مع التركيز على التعبئة الشعبية والمشاركة المؤسسية. ويتخذ نهجًا شاملًا ومتجذرًا في الأدلة القائمة على البحوث التي تفيد بأن النهج التشاركي القائم على الحقوق يمكن أن يؤدي إلى نتائج أكثر فعالية ومساءلة وشرعية. تقدم الرؤى المستمدة من هذا التقرير توصيات متنوعة للاستجابة للحواجز والفرص المتاحة للعمل المناخي الشامل.
مقدمة
مخاطر التغير المناخي في الأردن
يعتبر الأردن من أكثر البلدان معاناةً من ندرة المياه على مستوى العالم، ويواجه مَواطن ضعف مناخية شديدة، من ضمنها ارتفاع درجات الحرارة، عدم انتظام هطول الأمطار، وتكرار حالات الجفاف. ويؤكد الباحثون أن “الأردن معرّض بشكلٍ استثنائي للتأثر بالتغير المناخي، وقدراته على التكيف محدودة”. وحددت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كنقطةٍ ساخنة لتأثيرات تغير المناخ، إذ يصنّف الأردن كأحد أكثر البلدان عرضةً لمخاطر التغير بسبب مناخه الجاف واعتماده على موارد المياه المشتركة العابرة للحدود. هذه العوامل تُعرّض البلاد بشكلٍ خاص إلى التصحّر وانخفاض الإنتاجية الزراعية وندرة المياه. بالنسبة إلى الأردن، يجب أن يُصمّم العمل المناخي خصيصاً لمواجهة التحديات الفريدة التي تصيبه وهي: الاعتماد الكبير على المساعدات الخارجية، محدودية الموارد المائية، الاعتماد على الواردات من أجل الطاقة، والضغوط الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن استضافة أعدادٍ كبيرة من اللاجئين.
لا يتوفّر سوى القليل من الأدبيات الأكاديمية المنشورة حول موضوع العمل المناخي في الأردن، وهي تركز على التحديات الكلية التي تواجه عمليات صنع السياسات والتنفيذ. وتشير هذه الإصدارات إلى “إعطاء الأولوية للمصالح السياسية والاقتصادية قصيرة الأجل، الاعتماد المفرط على الجهات الفاعلة الخارجية، محدودية القدرات المالية والتقنية والمعرفية، ونقص التنسيق بين أصحاب المصلحة الرئيسيين في القطاع العام”. وتتوفر منشورات حول تأثيرات تغير المناخ على قطاعات محددة مثل الزراعة والطاقة والموارد المائية، مع تفاقم الصعوبات البيئية الحادة في إدارة التحديات البيئية، إذ تؤكد الدراسات، ويقترح حسين (2018) استراتيجيات الإدارة المتكاملة للمياه لمعالجة ندرتها. وفي مجال الطاقة المتجددة – الذي حقق فيه الأردن تقدمًا كبيرًا، خصوصاً في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري – يسلط صلاح وآخرون الضوء على إمكانات الطاقة المتجددة في الأردن. كما أن جهوده في مجال التكيف مع المناخ موثّقة بشكلٍ جيد، لا سيما في مجالي الزراعة والتخطيط الحضري. ويناقش البكري وآخرون آثار تغير المناخ على الزراعة ويقترحون تدابير التكيف لحماية الأمن الغذائي. في أحد المنشورات القليلة التي تتناول العمل المناخي من الأسفل، يلاحظ الأنيس وبوبيريجسكايا أنه “حين يتعلق الأمر بتغير المناخ، فإن التعبئة الاجتماعية لا تزال في مراحلها الأولى” في المنطقة، إذ يُظهر الأردن أحد أدنى مستويات النشاط المناخي (على سبيل المثال، لا توجد منظمة غير حكومية تركز بشكلٍ خاص ومتسق على تغير المناخ)”.
تؤكد ندرة البحوث حول العمل المناخي من الأسفل الحاجة الملحة إلى دمج المعرفة المحلية ووجهات النظر الشعبية، ما يضمن أن تعكس السياسات والإجراءات المناخية، السياق الاجتماعي والسياسي والبيئي الفريد في المملكة.
الإطار التوجيهي: دمج الحركة الاجتماعية ونظرية الحوكمة
يطبّق هذا التقرير إطارًا مفاهيميًا يجمع بين نظريات الحركة الاجتماعية والحوكمة لتحليل البيانات المستقاة من المقابلات شبه المنظمة.
تشرح نظرية الحركة الاجتماعية كيفية تعبئة المجموعات وتطوير هويات جماعية والتأثير في السياسات من خلال النشاط. والمفاهيم الرئيسية التي تستخدمها هذه الدراسة من هذه النظرية هي “تعبئة الموارد” لقياس مصادر تمويل منظمات المجتمع المدني، و”تأطير العدالة المناخية” لتحليل السرديات التي تستخدمها هذه المنظمات لتأطير العدالة المناخية واللغة المحددة التي تعتمدها، و”بناء التحالفات والتواصل” لدراسة كيفية تشكيل هذه المنظمات لتحالفات على الصعيدين المحلي والدولي لزيادة تأثيرها في مجال الدعوة.
تبحث نظرية الحوكمة في التفاعل بين الهيئات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والجهات الفاعلة الدولية، مع التركيز على ديناميكيات السلطة وتأثير السياسات والقيود المؤسسية. والمفهومان الرئيسيان اللذان تستخدمهما هذه الدراسة من هذه النظرية هما “حوكمة الشبكة” لرسم خريطة التفاعلات بين الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في صنع السياسات، و”العوائق المؤسسية” لتحديد القيود البيروقراطية أو السياسية التي تعيق تأثير منظمات المجتمع المدني في السياسات.
في الأردن، تتجلى الحوكمة الشبكية عبر التعاون غير الرسمي بين منظمات المجتمع المدني والوكالات الحكومية، مثل المشاورات المجتمعية أو ورش العمل المشتركة التي تتناول نقاط ضعفٍ مناخية محددة. وتخلق المعايير الثقافية حول الحوكمة القبلية ومركزية صنع القرار ديناميكيات فريدة تؤثر في مناصرة هذه المنظمات والتعاون معها.
توفر هذه المقاربة المتكاملة إطارًا لدراسة دور منظمات المجتمع المدني الأردنية في العدالة المناخية، وتأثيرها في السياسات، وتفاعلاتها مع الحكومة وأصحاب المصلحة الدوليين.
المنهجية
تستند هذه الدراسة إلى مراجعة الأدبيات والمقابلات شبه المنظمة التي أجريت مع 17 من المخبرين الرئيسيين، من ضمنهم بمن فيهم ممثلون عن المجتمع المدني الأردني والمنظمات المانحة والأوساط الأكاديمية، في الفترة ما بين آب/أغسطس وتشرين الثاني/نوفمبر 2024. واختير الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات أولاً من خلال رسم خريطة للمؤسسات الرئيسية والجهات الفاعلة وأصحاب المصلحة في الحركات المناخية في الأردن. خلال كل مقابلة، سُئِلوا أيضًا عن الأشخاص الرئيسيين الآخرين العاملين في هذا المجال في الأردن الذين يمكن مقابلتهم، وبالتالي طُبّق نهج كرة الثلج. وقابلوا جميع من اتصلوا بهم، باستثناء شخصين اعتذرا بسبب ضيق الوقت. أُجريت المقابلات من دون الكشف عن الهوية لضمان إجراء محادثة مفتوحة عن مواضيع حساسة حول التمويل والمشاركة في عمليات صنع السياسات. ونُظّمت أسئلة المقابلات حول المواضيع الرئيسية في هذه الدراسة.
يتألف التقرير من خمسة أقسام: الأول يرسم خريطة لتطور الحركات المناخية ومنظمات المجتمع المدني في الأردن؛ الثاني يحلل تأثيرها في السياسات المحلية؛ الثالث يناقش التعاون مع الحكومة والشراكات؛ الرابع يبحث دور منظمات المجتمع المدني في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ؛ وأخيرًا، يقدم الخامس نظرة مستقبلية حول الاستراتيجيات المحتملة.
الموضوع 1: تطور حركات المناخ ومنظمات المجتمع المدني في الأردن
شهد الأردن في السنوات الأخيرة وعياً متزايداً بقضايا المناخ، مستفيداً من الفهم المتطور للتحديات البيئية. واكتسبت الحركة المناخية في البلاد زخمًا في مجال المناصرة والمشاركة المحلية والتأثير في السياسات، مدفوعةً بزيادة التمويل الدولي لقضايا المناخ وتنامي النشاط العالمي. يستكشف هذا القسم كيف يتم تأطير العدالة المناخية في الأردن، نمو الحركات المناخية، الجهات الفاعلة الرئيسية المعنية، الدور المتزايد للشباب، وتعبئة الموارد ومشهد التمويل.
1.تأطير العدالة المناخية في الأردن
في الأردن، يُنظر إلى العدالة المناخية في المقام الأول على أنها جهد لضمان تمكين جميع الناس، خصوصاً المجتمعات الضعيفة، من الوصول إلى الموارد اللازمة للتكيف مع آثار تغير المناخ والتخفيف من آثاره، والدعوة إلى إدراج أصوات المجتمعات الأكثر تهميشًا في عمليات صنع السياسات. بعبارةٍ أخرى، يرى العديد من النشطاء الأردنيين أن العدالة المناخية مرتبطة بشكلٍ مباشر بالعدالة الاجتماعية، مع التركيز على التوزيع العادل للموارد والفرص لبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ. اتفق الأشخاص الذين تمت مقابلتهم على أن الفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً في السياق الأردني حين يتعلق الأمر بتأثيرات تغير المناخ هم: اللاجئون الذين يعانون من التهميش والضعف بسبب الحماية الاجتماعية والاقتصادية المحدودة التي يتمتعون بها؛ المجتمعات الريفية التي تعتمد على الأنشطة الزراعية في معيشتها – خصوصاً صغار المزارعين – نظرًا إلى أن تأثيرات تغير المناخ في البلاد تتجلى بشكلٍ رئيسي في انخفاض كمية ونوعية المياه؛ المجتمعات البدوية التي تعيش في المناطق القاحلة المتأثرة بشكلٍ خاص بندرة المياه؛ وأخيرًا، وتماشيًا مع الاتجاهات العالمية، تعتبر النساء والشباب في الأردن أيضًا عرضة لتغير المناخ. وأشار المتحدث 1 الذي جرت مقابلته، إلى أن العدالة المناخية تعني ضمان “المساواة في الوصول إلى موارد التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره”، مؤكداً أن ذلك يتماشى مع “الفوارق الاقتصادية والتحديات البيئية الإقليمية” في الأردن، لافتاً إلى الحاجة للتوزيع العادل بين المجتمعات الضعيفة. وأوضح المتحدث 3 أن العدالة المناخية تنطوي على “تمكين الناس في المناطق الريفية عبر توفير فرص اقتصادية مستدامة”، مسلطاً الضوء على أهمية الإدماج الاقتصادي كجزء من جهود التكيف مع المناخ في المناطق المهمشة. بالإضافة إلى ذلك، يركز المدافعون عن العدالة المناخية على الحاجة إلى التمثيل العادل للأردنيين في القرارات المناخية التي تؤثر في سبل عيشهم؛ إذ ذكر المتحدث 4 أنه “يجب إدراج أصوات الأردنيين، خصوصاً من المجتمعات الريفية ومجتمعات اللاجئين، في قرارات السياسة البيئية”، رابطًا التمثيل المحلي مباشرةً بالعدالة المناخية. وتأكيدًا على حقيقة أن العدالة المناخية في الأردن متداخلة مع العدالة الاجتماعية، قال المتحدث 2 إن “العدالة المناخية تعني تلبية احتياجات الفئات الأقل حظًا، من ضمنهم اللاجئون والفئات المهمشة”. ونتج عن هذا التأطير مبادرات ومشاريع مختلفة تستهدف مخيمات اللاجئين أو المجتمعات الريفية. ومع ذلك، ركزت هذه الجهود على زيادة الوعي أكثر من تركيزها على إشراك هذه المجتمعات في عمليات صنع السياسات.
2. نظرة عامة تاريخية وتطور الحركات المناخية
لعبت “الجمعية الملكية لحماية الطبيعة” دورًا محوريًا في تشكيل الحركات البيئية والمناخية في الأردن، كما هو موضح في الجدول الزمني في المرفق ب. في البداية، قادت الجمعية الجهود التي تركز على الحفاظ على البيئة، لا سيما في مجالات مثل حماية التنوع البيولوجي وإدارة الموارد الطبيعية (المقابلتان 2 و10). وكان لمناصرتها دور فعال في إنشاء وزارة البيئة في العام 2003 التي تعمل كمركز تنسيق لمعالجة القضايا البيئية، بما في ذلك تغير المناخ. وتحول تركيز هذه الجمعية على مر السنين ليشمل تغير المناخ الذي يرتبط بشكلٍ وثيقٍ بقضايا الحفاظ على الطبيعة والتنوع البيولوجي وحماية الموارد الطبيعية.
على مدى العقد الماضي، تطور تركيز الحركات المناخية في الأردن بشكلٍ كبير. ولاحظ المتحدث 1 أنه “في البداية، ركزت الحركات على الحفاظ على الطبيعة، لكن التركيز الكبير الآن هو على كيفية تأثير تغير المناخ على الفئات الأكثر ضعفاً. ويعكس هذا التحول الاتجاهات العالمية الأوسع نطاقًا، لكنه يعكس أيضًا الاحتياجات الفريدة للأردن، مثل ندرة المياه”. يسلط هذا التحول الضوء على كيفية توسع الخطاب المناخي في الأردن إلى ما هو أبعد من الحفاظ على الطبيعة، لمعالجة قضايا أكثر تعقيدًا تتعلق بالعدالة المناخية (حول الوصول إلى الموارد الطبيعية، وإدماج الفئات الأكثر تهميشًا، وما إلى ذلك)، متأثرًا بالمناقشات العالمية حول العدالة والتحديات البيئية المتزايدة في البلاد، مثل ندرة المياه والتصحر. وأرسى العمل المبكر لـ”الجمعية الملكية لحماية الطبيعة” الأساس لهذا التطور، فأظهر كيف يمكن للمبادرات المحلية أن تتكيف مع الأولويات الوطنية وجداول الأعمال المناخية العالمية.
وفي ما يتعلق بالمطالب الرئيسية لمنظمات المجتمع المدني الأردنية، فهي تميل إلى إعطاء الأولوية إلى عدة مجالات تركيز تعكس التحديات المناخية الوطنية والشواغل الإقليمية الأوسع نطاقاً. وتشمل القضايا الرئيسية الدعوة إلى تمويل التكيف مع المناخ، والتأكيد على الحاجة الملحة لمكافحة ندرة المياه، ودعم إنشاء آليات للتعويض عن الخسائر والأضرار المناخية. ونظرًا إلى معاناة الأردن من نقص المياه والتصحر، فإن تمويل التكيف أمر بالغ الأهمية، فتحث منظمات المجتمع المدني الأردنية – مثل “الجمعية الملكية لحماية الطبيعة” أو “المجموعة العربية لحماية الطبيعة” – الدول المتقدمة في المؤتمرات والفعاليات على زيادة الدعم المالي والتقني لتدابير التكيّف.
في الواقع، كانت الأحداث الرئيسية مثل الجفاف الإقليمي وأزمات ندرة المياه بمثابة محفزات لتوسيع نطاق هذه التحركات. وأدى تأثير هذه القضايا على المجتمعات المحلية في الأردن إلى تضخيم مطالبة منظمات المجتمع المدني بسياسات تعطي الأولوية إلى الفئات الضعيفة وتركّز على التكيف على التخفيف من آثار تغير المناخ، بما يتماشى مع حاجة الأردن إلى تأمين الموارد اللازمة لمعالجة الآثار المناخية المحلية. وذكر المتحدث 4 أنه “في حين يُعد “التغير المناخي قضية عالمية، إلا أن الأولويات الأردنية يجب أن تركز على الصعيد المحلي”، وهو شعور يسلط الضوء على تطور منظمات المجتمع المدني التي تدافع عن الاحتياجات البيئية الإقليمية على وجه التحديد.
3.الجهات الفاعلة الرئيسية والمجموعات وتطورها
برزت العديد من المنظمات كقادة للحركة المناخية في الأردن، وطرحت كل منها منظورها وخبرتها الفريدة. فهناك منظمات غير حكومية، ومبادرات شبابية، وجمعيات ملكية، ومراكز أبحاث ومراكز بحثية؛ وركزت جميعها على مواضيع مختلفة، وبدأت في السنوات الأخيرة تضمين قضايا تغير المناخ والعدالة أيضًا، كما يتّضح أدناه. وكان الاهتمام بقضايا المناخ مدفوعًا في المقام الأول بالتمويل المخصص لهذا الموضوع أكثر من الاهتمام الحقيقي بهذه القضايا. وبالتالي، فإن العلاقة بين المجموعات والمنظمات العاملة في قضايا المناخ كانت ذات طبيعة تنافسية أكثر منها تعاونية، كما يتبيّن بمزيد من التفصيل في القسم 3.
وركزت “الجمعية الملكية لحماية الطبيعة”، وهي واحدة من أقدم المنظمات البيئية العريقة، على الحفاظ على الموارد الطبيعية في الأردن، بما فيها المبادرات التي تهدف إلى التنوع البيولوجي وحماية البيئة (المقابلات 1، 2، 6، 10). وتشمل المجموعات البارزة الأخرى “جمعية الجيل الأخضر”، وهي منظمة تركز على الشباب وتقود مبادرات مثل مسيرة المناخ السنوية الهادفة إلى زيادة الوعي بقضايا المناخ من خلال إشراك المجتمعات المحلية في جميع أنحاء الأردن. وحدد العديد من الأشخاص في مقابلاتهم “جمعية الجيل الأخضر” على أنها حركة مناخية مهمة وأصيلة، خصوصاً في إشراك المجتمع (مقابلة 6). ومن المبادرات الحديثة الأخرى، مبادرة “نحن من أجل المناخ” التي تمولها “منظمة أكشن إيد” الدولية، وهي تركز على النشاط المناخي عبر فعاليات مثل مهرجان المناخ، وتشمل أنشطة توعوية في عمان والزرقاء والمفرق (مقابلة 3)؛ و”أجيال السلام” التي على الرغم من تركيزها في البداية على بناء السلام إلا أنها توسعت في برامج متعلقة بالمناخ، خصوصاً في إشراك الشباب في الفعاليات الدولية مثل مؤتمر الأطراف; و”جمعية دبين للتنمية البيئية” التي تنشط جدًا في رفع مستوى الوعي والدعوة إلى الاهتمام بقضايا المناخ. كما يقدم خبراء من المنظمات غير الحكومية المحلية والمؤسسات البحثية الدعم إلى مختلف الوزارات، ويساهمون في صياغة التقارير والاستراتيجيات الوطنية مثل المساهمات المحددة وطنيًا.
تحولت هذه المنظمات من مجرد معالجة القضايا البيئية إلى دمج شواغل العدالة الاجتماعية الأوسع نطاقاً والمساواة المناخية التي تلقى صدى أكبر لدى الشباب في الأردن. وذكر المتحدثون في المقابلات أنه في حين حدث التحول نحو التغير المناخي في السنوات العشر الماضية مدفوعًا بشكلٍ رئيسي بفرص التمويل الدولية الجديدة، فإن إدراج عناصر العدالة أحدث عهدًا في السنوات الخمس الماضية بشكلٍ رئيسي. وأدى هذا التطور إلى توسيع نطاق النشاط المناخي إلى ما هو أبعد من الحفاظ على البيئة. فسلط المتحدثون في مقابلاتهم الضوء على أهمية منظمات المجتمع المدني في المشاركة المحلية. ووصف المتحدث 7 كيف “تُمكّن منظمات المجتمع المدني المجتمعات المحلية عبر إشراكها مباشرةً في العمل المناخي”، وبالتالي بناء حركة شعبية أكثر استدامة يمكنها معالجة قضايا محلية محددة. ومن الأمثلة الأخرى “المجموعة العربية لحماية الطبيعة” التي تُشرك المجتمعات المحلية والشباب من خلال تعزيز مبادرات غرس الأشجار لتقوية الروابط بين المجتمعات المحلية/السكان المحليين وأرضهم، وكشكل من أشكال الصمود والمقاومة البيئية والاجتماعية، لا سيما في فلسطين. كما أشركت “جمعية الجيل الأخضر” الآلاف من الشباب الأردني في حملات غرس الأشجار والتوعية، ما يدل على قوة الجهود الشعبية.
4.نشاط الشباب ودوره المتنامي
ساهم نشاط الشباب بشكل كبير في تشكيل حركات العدالة المناخية في الأردن. فمع وجود 63 في المئة من السكان دون سن الثلاثين عاماً، يعد الأردن من أصغر سكان العالم سناً، ما يجعل مشاركة الشباب الأردني في العمل المناخي أمراً بالغ الأهمية. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال تمثيلهم في الهياكل الرسمية لصنع السياسات المناخية ناقصاً. ولم تتضمن السياسة الوطنية للتغير المناخي (2013-2020) سوى إشارات محدودة إلى الشباب، كما لا تتضمن اللجنة الوطنية للتغير المناخي تمثيلاً لهم، ما يحد من قدرة هؤلاء الشباب على التأثير في السياسات الوطنية المتعلقة بالمناخ. وعلاوة على ذلك، فإن الاستراتيجية الوطنية للشباب (2019-2025) تغفل تماماً تغير المناخ، ما يسلط الضوء على وجود فجوة كبيرة في إدماج الشباب في العمل المناخي على مستوى السياسات.
لتعميق مشاركة الشباب، يجب أن تركز المبادرات على برامج بناء القدرات التي تجمع بين علوم المناخ ومهارات المناصرة. وينظر العديد من الناشطين الشباب إلى العدالة المناخية كطريق لخلق فرص متكافئة وضمان أن تشكّل أصواتهم جزءًا من الحوار السياسي. وتوفر منظمات مثل “حركة الشباب العربي للمناخ”، ومبادرات مثل “مؤتمر الشباب المحلي للتغير المناخي” منصات للشباب للمشاركة بفعالية في المناصرة والتواصل مع أقرانهم الإقليميين والمشاركة في المنتديات الدولية، بما في ذلك مؤتمر الأطراف.
ومن المبادرات التي أشار إليها الكثير من المتحدثين في مقابلاتهم، برنامج “ساون” للعمل المناخي للشباب الذي أطلقته اليونيسف في الأردن و”أجيال السلام” في العام 2022. ركز برنامج “ساون” – الذي يعني “الحفظ” – على زيادة وعي الشباب بقضايا المناخ والبيئة على مختلف المستويات، وزيادة مشاركتهم في التخفيف من آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، رُشّح أربعة من الشباب المشاركين لحضور مؤتمر الأطراف السابع والعشرين في مصر.
ومع ذلك، وعلى الرغم من أن المشاركة في الفعاليات رفيعة المستوى أمر قيّم، لكن تبرز الحاجة إلى مزيد من المشاركة المنظمة على المستوى الوطني. ويسلط موجز السياسات الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الضوء على أن المساهمات المحددة وطنياً في الأردن 2021 تشير إلى الشباب، لكنها لا توفر آلية منظمة لإشراكهم في صنع القرار. لذلك، من الضروري تطوير برامج إرشادية، مثل إدماج الناشطين الشباب مع دعاة المناخ ذوي الخبرة وتنظيم ورش عمل لمناصرة السياسات. من شأن مثل هذه المبادرات أن تزود الشباب بالمهارات اللازمة للتعامل مع هياكل الحوكمة المناخية وزيادة فعاليتهم في تشكيل السياسة المناخية.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الحماس الكبير بين الشباب، لفت المتحدثون في المقابلات إلى إمكانية افتقار العديد من الناشطين الشباب في الأردن إلى العمق في فهمهم لقضايا المناخ. ولاحظ المتحدث 3 في مقابلته أن بعض الناشطين الشباب – وبعض الناشطين في مجال المناخ – قد “يروّجون لأنفسهم أكثر من زيادة الوعي الحقيقي”، ما يشير إلى إمكانية أن تكون مشاركة الشباب في حركة المناخ مدفوعة في بعض الأحيان بالرغبة في الظهور أكثر من المشاركة الموضوعية. ويتماشى ذلك مع النتائج الواردة في موجز سياسات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يذكر أن العديد من الشباب في الأردن ينظرون إلى تغير المناخ على أنه قضية بعيدة (“مسافة نفسية”) وهم غالباً غير منخرطين في العمليات السياسية السائدة بسبب عدم الثقة في المؤسسات السياسية (أعرب 72 في المئة من الأردنيين عن عدم ثقتهم في البرلمان).
ومع ذلك، قال المشاركون في المقابلات إن هذه الظاهرة تتجاوز نشاط الشباب وتنطبق على المبادرات البيئية التي تقودها منظمات المجتمع المدني، فيكون للظهور القيادي أحيانًا الأسبقية على التأثير المؤسسي. وبينما يرى البعض أن هذا الأمر يؤثر في شرعية هذه المبادرات، يعتبر البعض الآخر أنه في حال اقترن الظهور بعمل ذي مغزى، يمكنه أن يؤدي إلى تغيير حقيقي. وبالتالي، يكمن التحدي في ضمان استدامة المبادرات التي يقودها الشباب بما يتجاوز وجود الناشطين الأفراد.
وعلى الرغم من هذه التحديات، تتزايد مشاركة الشباب في حركة المناخ في الأردن. وعلى غرار حركة “أيام الجمعة من أجل المستقبل” العالمية، يضغط الناشطون الشباب الأردنيون بشكل متزايد من أجل سياسات وإجراءات تعالج مخاوفهم بشأن مستقبل البيئة والاقتصاد في البلاد. ومع ذلك، من أجل الحفاظ على مشاركتهم وإضفاء الطابع المؤسسي عليها، يجب على الأردن اتخاذ خطوات مدفوعة بالسياسات لإشراك الشباب في إدارة المناخ.
5. تعبئة الموارد: مصادر التمويل والتحديات المالية
يتسم المشهد التمويلي لمنظمات المجتمع المدني الأردنية المعنية بالمناخ – كما هو الحال بالنسبة إلى المجتمع المدني بشكلٍ عام والقطاعات الأخرى في البلاد – بالاعتماد الشديد على الجهات المانحة الدولية، مع دعم مالي محلي محدود. وتستعين العديد من هذه المنظمات بالجهات المانحة الدولية مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والاتحاد الأوروبي التي تحدد غالبًا أولوياتها. ويمكن أن يحد هذا الاعتماد من استقلاليتها في معالجة قضايا المناخ المحلية. وأكد المتحدث 2 أن “تغير المناخ أصبح كلمة طنانة… تُستخدم لجذب التمويل الدولي”، ما يوضح صعوبة الحفاظ على عمل حقيقي وذي صلة محلية وسط ضغوط الأجندات التي تحركها الجهات المانحة. كما ذكر معظم الذين جرت مقابلتهم أيضًا أن المنظمات غير الحكومية المحلية تركز في الغالب أكثر على كتابة مقترحات للحصول على تمويل يتماشى مع أحدث الدعوات المتاحة، بدلاً من محاولة تصميم الأنشطة والمقترحات بما يتماشى مع استراتيجياتها ورؤيتها الخاصة للحصول على التمويل. علاوة على ذلك، أشار العديد ممن أُجريت معهم مقابلات إلى أن منظمات المجتمع المدني أصبحت أكثر انشغالاً وأكثر تركيزاً على كتابة المقترحات من التركيز على تنفيذ المشاريع بشكلٍ كامل.
بالإضافة إلى ذلك، عملية التمويل لمنظمات المجتمع المدني الأردنية مثقلة بالعوائق البيروقراطية التي تؤخر أو تمنع الوصول إلى الموارد غالباً. على سبيل المثال، تحتاج المنظمات إلى موافقات من وزارات متعددة قبل أن تتمكن من الحصول على تمويلٍ دولي؛ ووصف المتحدث 8 كيف يمكن أن تؤدي البيروقراطية المحيطة بالتمويل إلى “خسارة المنظمات للموارد الأساسية لإدارة برامجها”، أو في تشكيل نشاطها ليصبح أكثر انسجامًا مع الحكومة. علاوة على ذلك، وبالنظر إلى أن العديد من المنظمات صغيرة وجديدة نسبيًا، فإن طاقتها التشغيلية وقدرتها على جذب التمويل الدولي وإدارته يمكن أن تكون محدودة، ما يؤثر على تنمية مشاريعها واستدامتها. لهذا السبب، هناك منافسة متزايدة على التمويل أيضًا من قبل المنظمات غير الحكومية الدولية التي تتمتع بقدرة تشغيلية أقوى، وتكون غالباً أكثر إمكانية على تأمين التمويل. كما تؤدي محدودية فرص التمويل إلى زيادة المنافسة بين هذه المنظمات، ما يعوق التعاون طويل الأجل وجهود المناصرة المشتركة.
الخاتمة
يعكس تطور الحركات المناخية ومنظمات المجتمع المدني في الأردن وعيًا متزايدًا بشواغل العدالة المناخية والاستجابة لها في منطقة معرضة بشدة للتغيرات البيئية، متأثرة بالخطابات العالمية وفرص التمويل المتزايدة للعمل المناخي. وتوسعت العدالة المناخية إلى ما هو أبعد من حماية البيئة لتشمل العدالة الاجتماعية والاقتصادية، مدفوعة إلى حد كبير بمشاركة الشباب وجهود منظمات المجتمع المدني الرئيسية. ومع ذلك، تواجه هذه المنظمات تحديات كبيرة، لا سيما في ما يتعلق بالاستقرار المالي، والحاجة إلى مواءمة أقوى بين جداول الأعمال المحلية والدولية، والقدرة المحدودة على كتابة المنح، والاعتماد على دورات التمويل قصيرة الأجل، والمنافسة على الموارد. ومن أجل المضي قدمًا، يمكن أن يؤدي إنشاء آليات تشاور رسمية وتعزيز التحالفات إلى تعزيز التأثير الاستراتيجي لمنظمات المجتمع المدني الأردنية في تشكيل السياسات المناخية الوطنية.
الموضوع 2: التأثير والتأثر بالسياسات المحلية
يبحث هذا القسم في تأثير منظمات المجتمع المدني في السياسات المناخية المحلية في الأردن، ونجاحاتها وتحدياتها في مجال المناصرة، ودورها في تنفيذ الالتزامات الوطنية بموجب اتفاقية باريس، وانعكاسها على التعبئة العامة حول قضايا المناخ.
1.إشراك الجمهور وتوعيته
تعكس التصورات المتعلقة بتغير المناخ بين الجمهور الأردني وعيًا متزايدًا بآثاره. فوفقًا للموجة الثامنة من استطلاعات الباروميتر العربي (2022)، يدرك جزء كبير من الأردنيين أن التغير المناخي مشكلة خطيرة. ويسلط التقرير الضوء على أن 60 في المئة من الأردنيين يعتقدون أن التغير المناخي مشكلة “خطيرة جداً”، في حين يعتبره 25 في المئة “خطيراً إلى حد ما”. ويكشف الباروميتر العربي أيضاً أن الأردنيين أكثر ميلاً لإرجاع التغير المناخي إلى الأنشطة البشرية مقارنةً بالبلدان الأخرى في المنطقة. يجد نحو 45 في المئة من المشاركين في الاستطلاع أن السلوك البشري، مثل التلوث والاستهلاك المفرط للموارد، هو السبب الرئيسي لتغير المناخ. ومن المرجح أن يكون هذا التصور متأثرًا بالتدهور البيئي الواضح، مثل تلوث الهواء في المناطق الحضرية وتقلص الموارد المائية. ومع ذلك، لا يزال جزء ملحوظ من السكان (نحو 30 في المئة) ينظرون إليه على أنه ظاهرة طبيعية، ما يشير إلى الحاجة إلى مزيد من التثقيف العام بشأن العوامل البشرية المنشأ لتغير المناخ.
توجد أيضًا ثغرات في فهم الجمهور لسياسات وإجراءات مناخية محددة. فعلى سبيل المثال، في حين يدعم العديد من الأردنيين مبادرات الطاقة المتجددة، إلا أن المعرفة حول الاستراتيجيات الوطنية للمناخ في البلاد أو دور الاتفاقيات الدولية مثل اتفاق باريس محدودة. وهذا يدل على الحاجة إلى حملات توعية هادفة وصنع سياسات شاملة لسد الفجوة بين الاهتمام العام والحلول المناخية القابلة للتنفيذ.
كان رفع مستوى الوعي العام بقضايا المناخ عنصرًا أساسيًا في جهود منظمات المجتمع المدني في الأردن، فتعمل منظمات عديدة بنشاط لتحويل تصور الجمهور لتغير المناخ من قضية مجردة إلى مصدر قلق ملموس. وأكد المشاركون في مقابلاتهم أهمية منظمات المجتمع المدني هذه في توعية الجمهور بتغير المناخ، وهو موضوع لم يحظَ تاريخيًا إلا باهتمام محدود في الأردن. وقال المتحدث 7 في مقابلته إن “منظمات المجتمع المدني تلعب دورًا أساسيًا في تثقيف المجتمعات المحلية حول أهمية العدالة المناخية”، مشيرًا إلى دورها الحاسم في سد الفجوة بين المعرفة العلمية والفهم العام. وصاغت منظمات المجتمع المدني رسائلها لتتناسب مع التحديات البيئية الفريدة في الأردن، لا سيما ندرة المياه، وهي قضية تؤثر في العديد من الأردنيين بشكلٍ مباشر. وسلط المتحدث 5 الضوء على أهمية تثقيف الجمهور حول التكيف مع المناخ، موضحًا أن “التركيز على الجوانب العملية للتكيف مع المناخ، مثل الحفاظ على المياه، كان فعالاً في إشراك المجتمعات المحلية”.
بالإضافة إلى ذلك، استخدمت هذه المنظمات استراتيجيات مختلفة لكسب اهتمام الجمهور ودعمه، من ضمنها ورش العمل والفعاليات المجتمعية والشراكات مع وسائل الإعلام. وتعد مبادرات مثل مسيرة المناخ السنوية التي تنظمها “جمعية الجيل الأخضر”، أمثلة على الجهود التي تزيد تسليط الضوء على قضايا المناخ وتخلق منابر عامة للمواطنين للتعبير عن مخاوفهم. كما تساعد على تشكيل ثقافة الوعي البيئي، خصوصاً بين الشباب الذين بدأوا ينظرون إلى المناصرة المناخية كواجب مدني مهم. ومن أبرز الحملات البيئية أو المناصرة البيئية في الأردن التي تقودها منظمات المجتمع المدني جهود حماية الأشجار من قبل “جمعية دبين للتنمية البيئية”، و”الجمعية الملكية لحماية الطبيعة” في الأردن ضد قرار الحكومة بالبدء في تعدين النحاس في محمية ضانا. وبهذا المعنى، فإن إشراك الجمهور في هذه المواضيع يعني بناء الأساس لتعبئة الجمهور من أجل تغيير السياسات.
على الرغم من هذه الجهود، لا تزال المشاركة العامة تمثل تحديًا في مجتمع تطغى فيه غالباً الشواغل الاقتصادية على الشواغل البيئية؛ وكما ذكر البعض في مقابلاتهم، فإن ذلك ينعكس في الرؤية الحالية للبلاد التي تسمى “رؤية التحديث الاقتصادي”. وأشار العديد ممن جرت مقابلتهم إلى أن المواطنين الأردنيين يعطون الأولوية لقضايا مثل التوظيف وتكلفة المعيشة على العمل المناخي، ما يُصعّب على منظمات المجتمع المدني الحفاظ على زخم مبادراتها المتعلقة بالمشاركة العامة. ولمعالجة ذلك، بدأت بعض المنظمات في تأطير العدالة المناخية من جهة الفوائد الاجتماعية والاقتصادية، مثل خلق فرص العمل عبر مشاريع الطاقة المتجددة أو الفوائد الصحية للحد من تلوث الهواء. ويمكن للتقارير المرحلية المنتظمة وتقييمات الأثر أن تضمن المساءلة وتحديد مجالات التحسين. ومن خلال ربط العمل المناخي بالشواغل المباشرة، تأمل منظمات المجتمع المدني في بناء دعم أوسع للسياسات البيئية.
2.الدعوة في مجال السياسات: الإنجازات والتحديات
في حين حاولت منظمات المجتمع المدني الأردنية العمل في مجال المناصرة المناخية، إلا أن إنجازاتها في التأثير بالسياسات الحكومية كانت محدودة، بينما نجحت بعض المنظمات في الضغط من أجل سياسات وإصلاحات محددة. على سبيل المثال، قال المتحدث 10 إنه “من خلال جهود المناصرة المتسقة، ضغطت منظمات المجتمع المدني من أجل وضع لوائح أقوى بشأن التلوث الصناعي”. كما سلط أشخاص آخرون الضوء على دور منظمات المجتمع المدني والخبراء والأكاديميين في التشاور مع الحكومة والمشاركة في اللجان المعنية بخلق بيئة سياسات تمكينية لتعزيز الطاقة المتجددة. وهذا يدل على التقدم التدريجي الذي يمكن أن تحرزه هذه المنظمات حين تنخرط باستمرار مع صانعي السياسات بمرور الوقت.
ومع ذلك، توجد عقبات عديدة تحول دون تحقيق المزيد من المكاسب السياسية الهامة. فمن منظور العوائق المؤسسية، تؤدي الطبيعة البيروقراطية للحكم الأردني غالباً، إلى جانب الافتقار إلى الإرادة السياسية، إلى تعطيل جهود منظمات المجتمع المدني للدفع باتجاه إصلاحات مناخية شاملة. وتشمل هذه العوائق في الأردن غالباً عمليات الموافقة المطولة على توصيات هذه المنظمات والتمثيل المحدود في منتديات السياسات رفيعة المستوى. وأعرب العديد في مقابلاتهم عن إحباطهم من بطء وتيرة التغيير، وعزوا ذلك إلى أولويات الحكومة المتنافسة، ونظام مركزي قوي وضعف وزارة البيئة مقابل الوزارات الأخرى مثل وزارة الزراعة ووزارة المياه والري ووزارة الطاقة. كما لاحظ المتحدث 12 أن “القضايا البيئية تميل إلى عدم إعطاء الأولوية إلى القضايا البيئية، خصوصاً في أوقات الصعوبات الاقتصادية”، وهو شعور يتردد صداه في بلد يعاني من ارتفاع معدلات البطالة وندرة المياه. في الواقع، ذكر عدد من المتحدثين القرار الأخير (أيلول/سبتمبر 2024) بزيادة الضرائب على بعض السيارات الكهربائية باعتبار أنه يتعارض مع أهداف التخفيف من آثار تغير المناخ. كما قال هؤلاء الأشخاص إن بعض صانعي السياسات ينظرون إلى العمل المناخي على أنه مصدر قلق ثانوي. أدى ذلك إلى عدم الاستعجال في معالجة المشاكل البيئية، إذ أشار بعض المسؤولين إلى مساهمة الأردن المحدودة في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية كسبب لعدم إعطاء الأولوية للسياسات المناخية. تعكس مثل هذه المشاعر التوتر بين الاحتياجات البيئية المحلية والمسؤوليات المناخية العالمية، ما يعقّد عمل منظمات المجتمع المدني التي تحاول دفع عجلة التغيير في السياسات.
وثمة عائق مؤسسي آخر يتمثل في النقص في آليات الحوكمة لإيصال صوت الفئات الأكثر تهميشاً وتأثراً بتغير المناخ، ومنظمات المجتمع المدني، على الرغم من مشاركة وزارة البيئة في الفعاليات العامة… وبالتالي، بينما تنجح منظمات المجتمع المدني في إثارة النقاشات وتسليط الضوء على القضايا، تبقى ترجمة المناصرة إلى سياسات صعبة في الغالب.
علاوة على ذلك، أوضح المتحدثون في مقابلاتهم أن منظمات المجتمع المدني الأردنية تعمل في صوامع منعزلة مع التركيز على أجندات منظماتهم الفردية ما يؤدي إلى تصادم بعضها مع البعض الآخر. ويرجع هذا النقص في التنسيق، كما ذكرنا سابقًا، إلى المنافسة على التمويل، ما يدفع منظمات المجتمع المدني إلى النظر إلى بعضها البعض كمنافسين وليس كحلفاء.
أخيراً، وخصوصاً عند مقارنتها ببلدان أخرى في المنطقة، فإن الحكومة الأردنية تضع سياسات واستراتيجيات جيدة؛ فعلى سبيل المثال، تعتبر الاستراتيجية الوطنية الأخيرة للمياه الآن شاملة، وتتضمن حلولاً في جانب العرض والطلب، بالإضافة إلى قضايا الحفظ والقضايا الشاملة مثل تغير المناخ، والعلاقة بين المياه والطاقة والغذاء، وغيرها من القضايا. ومع ذلك، فإن التحديات، كما ذكر معظم من جرت مقابلتهم، هي ضمان تنفيذها على أرض الواقع.
3.تنفيذ المساهمات المحددة وطنياً
وبموجب اتفاقية باريس، التزم الأردن بالمساهمات المحددة وطنياً التي تحدد أهداف البلاد في خفض الانبعاثات والتكيف مع الآثار المناخية. وساهمت منظمات المجتمع المدني في زيادة الوعي بهذه الالتزامات ومساءلة الحكومة عن تنفيذها. ولعبت منظمات عديدة دورًا نشطًا في الدعوة إلى أهداف أكثر طموحًا للمساهمات المحددة وطنياً، خصوصاً في المجالات التي تؤثر بشكلٍ مباشر في المجتمعات الأردنية، مثل الحفاظ على المياه والطاقة المتجددة والتعليم البيئي.
ومع ذلك، تحدث الأشخاص في مقابلاتهم عن مواجهة الحكومة صعوبات في تنفيذ المساهمات المحددة وطنياً بفعالية. ويكمن جزء من التحدي في تأمين الموارد والخبرة الفنية اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، وهو مجال يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تقدم فيه دعماً قيماً. ولفت المتحدث 9 إلى أن “العديد من منظمات المجتمع المدني لديها شبكات شعبية ومعرفة فنية يمكن أن تساعد على تنفيذ المساهمات المحددة وطنياً”، ومع ذلك لا يزال التعاون مع الوكالات الحكومية محدوداً.
كما أن اعتماد الحكومة على التمويل الدولي للوفاء بالمساهمات المحددة وطنياً يؤثر أيضاً في مدى الوفاء بهذه الالتزامات. فمن دون دعمٍ مالي كافٍ من المجتمع الدولي، تبقى قدرة الأردن على تنفيذ مساهماته المحددة وطنياً مقيدة، ما يمكن أن يؤخر أو يقلّص حجم هذه المبادرات. وأكد المشاركون في المقابلات أن منظمات المجتمع المدني قادرة على لعب دور أكثر فاعلية في البحث عن شراكات مع المنظمات الدولية وتأمين التمويل للمشاريع التي تتماشى مع أهداف المساهمات المحددة وطنياً في الأردن.
4.تعزيز أثر السياسات
وللمضي قدمًا، اقترح عديدون في مقابلاتهم أن منظمات المجتمع المدني الأردنية تحتاج إلى اعتماد نهج أكثر استراتيجية لزيادة تأثيرها في السياسات. ودعوا منظمات المجتمع المدني إلى تكوين ائتلافات قادرة على تشكيل جبهة موحدة حول القضايا الرئيسية، لتعزيز جهود المناصرة. وأوضح المتحدث 11 أنه “من دون عمل جماعي، يمكن للحكومة أن تتجاهل مطالب منظمات المجتمع المدني الفردية”، ما يسلط الضوء على الحاجة إلى نهج منسق لزيادة أصواتهم وضمان أن يأخذ صناع السياسات مخاوفهم المناخية على محمل الجد.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تستفيد منظمات المجتمع المدني من تقوية العلاقات مع القطاع الخاص القادر على التأثير في السياسات بسبب قوته الاقتصادية. فمن خلال الشراكة مع الشركات في المبادرات المناخية، قد تتمكن منظمات المجتمع المدني من إظهار الفوائد الاقتصادية للسياسات البيئية، ما يجعل العمل المناخي أكثر جاذبية للحكومة. كما أن التعاون مع الشركات الخاصة في مجال الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة يمكن أن يساعد منظمات المجتمع المدني على وضع العمل المناخي كفرصة للنمو بدلاً من كونه عبئاً مالياً. في السنوات الخمس الماضية، شاركت منظمات المجتمع المدني الأردنية بشكل متزايد في العديد من المشاورات الوطنية المتعلقة بالمناخ، ما يؤكد مشاركتها النشطة في صنع السياسات.السياسات….
الخاتمة
قدمت منظمات المجتمع المدني في الأردن مساهمات مهمة في زيادة الوعي بقضايا المناخ والدعوة إلى إجراء تغييرات في السياسات، لكن تأثيرها في نتائج السياسات الفعلية لا يزال محدودًا. وتسلط التحديات التي تواجهها هذه المنظمات – مثل التأخيرات البيروقراطية ومحدودية الاهتمام العام وإعطاء الحكومة الأولوية إلى المخاوف الاقتصادية على حساب المخاوف البيئية – الضوء على الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود الاستراتيجية والموحدة. ويمكن لهذه المنظمات تعزيز تأثيرها عبر تشكيل تحالفات وإشراك القطاع الخاص، وإعادة صياغة العمل المناخي كطريق نحو تحقيق منافع اقتصادية واجتماعية. وفي حين أن الطريق إلى التأثير في السياسات صعب، إلا أن منظمات المجتمع المدني الأردنية تواصل تمهيد الطريق لمستقبل أكثر استدامة بيئيًا، وتعمل على مواءمة التزامات الأردن المناخية مع احتياجات وأولويات شعبه.
الموضوع 3: حوكمة الشبكة: التعاون مع الحكومة والشراكات
يبحث هذا القسم في حوكمة شبكة العمل المناخي في الأردن، مع التركيز على التفاعلات بين منظمات المجتمع المدني والوكالات الحكومية، والتحديات التي تواجهها في بناء شراكات فعالة، ودور التحالفات والائتلافات، ونجاح التعاون الإقليمي والدولي.
1.العلاقات بين منظمات المجتمع المدني والحكومة: شراكة معقدة
تعمل منظمات المجتمع المدني في الأردن في بيئة سياسية مقيدة، فتكون أنشطتها غالباً محدودة بسبب المتطلبات البيروقراطية والسيطرة الحكومية. وعلى الرغم من التحديات البيروقراطية والهيكلية القائمة، تدرك الهيئات الحكومية وهذه المنظمات ضرورة التعاون للنهوض بالعمل المناخي. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الهيئات الحكومية، لا سيما وزارة البيئة، اعترفت بالقيمة التي تقدّمها منظمات المجتمع المدني في تعبئة المجتمعات المحلية، وتوفير الخبرة الفنية، وتنفيذ المشاريع الشعبية. وقال المتحدث 11 “إن وزارة البيئة منفتحة على العمل مع هذه المنظمات خصوصاً في المشاريع التي تتطلب مشاركة المجتمع المحلي”، ما يسلط الضوء على الانفتاح الذي يوفر أساسًا للتعاون، على الرغم من محدوديته. وتستفيد الوزارات غالباً أيضًا من خبرة هذه المنظمات الفنية، فتستعين بهم كمستشارين لصياغة التقارير أو الاستراتيجيات. ومع ذلك، ينقصنا وجود آلية مؤسسية أو رسمية للحوار المستمر بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني بشأن تغير المناخ. واقترح المتحدثون الذين أجريت معهم المقابلات، كما يتضح أدناه، إنشاء مجلس استشاري أو مجلس مشترك بين منظمات المجتمع المدني والحكومة. ومن شأن ذلك أن يسهل الحوار الشفاف والمنصف والمنتظم بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني. وفي موازاة ذلك، يمكن للآليات غير الرسمية المفيدة أيضًا لبناء الثقة غير الرسمية، مثل ورش العمل المشتركة الفصلية أو المشاريع التجريبية المجتمعية، أن تبني الثقة وتؤسس شراكات غير رسمية بين هذه المنظمات والوكالات الحكومية.
ومع ذلك، تتأثر هذه العلاقة غالباً باختلاف الأولويات. فالحكومة تميل إلى التركيز على أهداف السياسات رفيعة المستوى، مثل تلبية المساهمات المحددة وطنياً، بينما تركز منظمات المجتمع المدني بشكلٍ أكبر على الاحتياجات المناخية المحلية الخاصة بالمجتمع. يمكن أن يؤدي هذا التباين إلى عدم التوافق في الأهداف، ما يُصعّب على كلا الطرفين العمل معًا بشكلٍ فعّال. وأوضح المتحدث 6 أنه “في حين أن للحكومة أهدافاً وطنية، يتم غالباً تجاهل القضايا المحلية، وهو ما تحاول منظمات المجتمع المدني إحداث فرق فيه”. وبينما يمكن أن يكون هذا التمييز في التركيز بمثابة إمكانية لمنظمات المجتمع المدني والوكالات الحكومية لتكملة بعضها البعض، إلا أنه يمكن أن يكون أيضًا عائقًا ربما يقوض التعاون الفعال. وفي هذا السياق، وبالنظر إلى الطبيعة المركزية لصنع السياسات والحوكمة الأردنية في القضايا البيئية، لفت المتحدثون إلى إمكانية أن تشعر هذه المنظمات بالتهميش في عمليات صنع القرار، إذ تحتفظ الوكالات الحكومية بالقول الفصل في معظم المبادرات.
2.التحديات والعوائق التي تحول دون إقامة تعاون أقوى
تتمثل التحديات الرئيسية التي تواجه التعاون في التنافس على الموارد والتمويل، والافتقار إلى منصات وآليات منظمة للحوار، والقيود البيروقراطية. ويسود غالبًا التنافس بدلاً من التعاون بين منظمات المجتمع المدني بسبب محدودية التمويل. ويمكن أن تمتد هذه المنافسة إلى الوكالات الحكومية، فقد تسعى كل إدارة إلى تمويل مشاريعها الخاصة، ما يقلل فرص المبادرات المشتركة مع منظمات المجتمع المدني. وأكد المتحدث 14 أن “كل منظمة تحاول تأمين تمويلها الخاص، ما يؤدي إلى التنافس بدلاً من الشراكات”. هذا التنافس يقوض تطوير نهج موحد للعمل المناخي ويُضعف الجهود المبذولة لتشكيل استراتيجيات متماسكة وطويلة الأجل. في هذا السياق، تستفيد وزارة البيئة أيضًا بشكل كبير من المساعدات الدولية وتمويل الجهات المانحة، وبالتالي تصبح منافسًا لمنظمات المجتمع المدني الأردنية.
بالإضافة إلى ذلك، أوضح العديد من المتحدثين أن عدم وجود منصة رسمية للتعاون يعني أن منظمات المجتمع المدني والوكالات الحكومية تتفاعل على أساس مخصص، ويحدث ذلك عادةً حين تقدم جهة مانحة دولية التمويل للعمل المشترك. ومن دون وجود آلية رسمية للحوار المستمر، يبقى التعاون بين هذه المنظمات والحكومة قائمًا على المشاريع وليس جزءًا منظمًا من استراتيجية المناخ في الأردن.
علاوة على ذلك، تتطلب الطبيعة البيروقراطية للحكم الأردني من هذه المنظمات الانتقال بين سلسلة من الموافقات والأذونات الرسمية لتنفيذ أنشطتها، ما يمكن أن يؤخر المشاريع ويخلق تبعية للجهات الحكومية. وسلط المتحدث 9 الضوء على هذا التحدي، موضحًا أن “العملية البيروقراطية تُسبب غالباً تفويت فرص التمويل على منظمات المجتمع المدني”، فيمكن أن يمنع التأخير المنظمات من الوصول إلى المنح الدولية الحساسة زمنياً.
لزيادة التعاون بين منظمات المجتمع المدني، توجد حاجة إلى أساليب تعاون جديدة. على سبيل المثال، سيكون مفيداً إنشاء منصات موارد مشتركة وتشجيع المقترحات المشتركة. في الواقع، يمكن لمنصة مركزية أن تسهل الوصول إلى فرص التمويل وأفضل الممارسات والأدوات، ما يقلل التكرار ويعزز التآزر. ومن خلال تشكيل اتحادات لتقديم طلبات المنح، يمكن لهذه المنظمات تجميع الخبرات وتأمين تمويل أكبر وضمان توزيع الأدوار بشكل عادل، ما يعزز الوحدة والكفاءة. ويمكن للجهات المانحة واللوائح الوطنية تسهيل مثل هذه الاتحادات عبر إعادة تصميم المنح وتيسير الإجراءات الإدارية عند استيفاء شروط معينة بشأن التعاون.
3.التحالفات والائتلافات: بناء القوة من خلال الوحدة
وتدرك منظمات المجتمع المدني أهمية الائتلافات والتحالفات؛ ولفت المتحدث 13 إلى أن “التحالفات تمنح هذه المنظمات صوتًا جماعيًا، ما يُصعّب على الحكومة تجاهل مطالبها”. ومع ذلك، ونظرًا إلى التحديات المذكورة المتمثلة في المنافسة بدلًا من التعاون بين منظمات المجتمع المدني الأردنية، فإن التحالفات والائتلافات تتشكل إما على أساس مشروع محدد، ولكنها تنتهي بانتهاء تمويل المشروع؛ أو على مستوى إقليمي أو شبابي.
ومن الأمثلة الناجحة على بناء التحالفات في مجال المناخ في الأردن “حركة الشباب العربي للمناخ” و”مؤتمر الشباب للمناخ” (COY) اللذان يجمعان الناشطين الشباب والمنظمات لمناقشة القضايا البيئية ووضع الاستراتيجيات بشكل جماعي. ومن خلال الجمع بين الموارد والخبرات والشبكات المجتمعية، يمكن أن تزيد هذه التحالفات تأثير منظمات المجتمع المدني وتوفر أساسًا أقوى للتعامل مع صانعي السياسات. وأوضح المتحدثون أن الشبكات الوطنية تُبنى أيضاً في الغالب قبل اجتماعات مؤتمر الأطراف مباشرة، مع إنشاء مجموعة واتساب للمشاركين الأردنيين في المؤتمر وتبقى عادةً نشطة في السنوات التالية، ما يتيح التبادل والتنسيق بشأن الأحداث والفرص والقضايا المتعلقة بالمناخ.
ومع ذلك، فإن تشكيل التحالفات والحفاظ عليها يتطلب تنسيقاً كبيراً وموارد كبيرة لا تتوفر دائماً. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي بيئة التمويل التنافسية إلى إجهاد هذه التحالفات، فيمكن أن تعطي المنظمات الأولوية لمصالحها الفردية قبل الأهداف الجماعية. ومع ذلك، أثبتت التحالفات أنها نهج فعال لمنظمات المجتمع المدني للتغلب على القيود التي تفرضها قدراتها الفردية وإحداث تأثير أقوى في مجال الدعوة إلى قضايا المناخ في الأردن.
ومع ذلك، من أجل استدامة التحالفات إلى ما بعد الجداول الزمنية القائمة على المشاريع، ينبغي على منظمات المجتمع المدني إنشاء شبكة وطنية رسمية للمناخ ذات أهداف استراتيجية مشتركة طويلة الأجل ومعالم رئيسية. ومن الضروري تأمين التمويل الأساسي لعمليات التحالف، بشكلٍ مستقل عن المشاريع الفردية. يمكن لهياكل الحوكمة الرسمية وآليات المشاركة المنتظمة، مثل المنتديات وورش العمل السنوية، أن تضمن المساءلة والاستمرارية والمواءمة، ما يعزز التعاون الدائم والتأثير الجماعي.
4.التعاون الإقليمي والدولي: توسيع الشبكة
سعت منظمات المجتمع المدني الأردنية إلى إقامة شراكات مع المنظمات الإقليمية والدولية لزيادة تأثيرها وتبادل أفضل الممارسات. وتوفر هذه الشراكات العديد من الفوائد، من ضمنها الوصول إلى التمويل الدولي، والاطلاع على استراتيجيات المناخ الجديدة، وفرص المشاركة في المنتديات العالمية مثل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ومؤتمر الأطراف. وذكر المتحدثون في مقابلاتهم أنه كان لهذا التعاون دور فعال في تسليط الضوء على قضايا المناخ في الأردن، وقال المتحدث 8 إن “الشراكات الدولية تساعد على إدخال منظمات المجتمع المدني الأردنية في الحوار العالمي حول العدالة المناخية”.
وتتيح الشراكات الإقليمية، لا سيما مع المنظمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لمنظمات المجتمع المدني الأردنية المشاركة مع البلدان التي تواجه تحديات بيئية مماثلة. وزود التعاون مع دول مثل لبنان وتونس والمغرب حيث تتواجد حركات مناخية أكثر رسوخًا، منظمات المجتمع المدني الأردنية برؤى واستراتيجيات قيمة يمكن تكييفها مع السياق الأردني. وأكد المتحدث 15 أن “العمل مع منظمات المجتمع المدني من بلدانٍ أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يسمح للمنظمات الأردنية بالتعلم من تجاربها وبناء شبكات أقوى”.
وعلى الرغم من هذه المزايا، توجد تحديات. فالتعاون الدولي تُصاحبه غالباً قيود تفرضها الجهات المانحة، ما يمكن أن يحد من مرونة منظمات المجتمع المدني في تلبية الاحتياجات المحلية المحددة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للاعتماد على التمويل الدولي أن يُعرّض هذه المنظمات إلى تغيير في الأولويات العالمية – كما حدث في أثناء جائحة كورونا والحرب على أوكرانيا – ما يُسبب عدم استقرار برامجها. ولاحظ المتحدث 12 أن “الاعتماد على التمويل الدولي محفوف بالمخاطر؛ فإذا تغيرت الأولويات، قد لا تكتمل المشاريع”، ما يسلط الضوء على أهمية إيجاد توازن بين الأهمية المحلية والمواءمة الدولية.
5.فرص الشراكات المستقبلية
للمضي قدمًا، لفت المتحدثون في مقابلاتهم إلى أن منظمات المجتمع المدني الأردنية تحظى بالعديد من الفرص لتعزيز تعاونها مع كلٍ من الوكالات الحكومية والشركاء الدوليين. ويتمثل أحد المجالات المحتملة للنمو في إنشاء منصة رسمية للتعاون بين منظمات المجتمع المدني والحكومة. ويمكن لمثل هذه المنصة أن تسهل الحوار المنتظم والتخطيط المشترك وتنسيق المشاريع، ما يسهل على الطرفين مواءمة أهدافهما. وقال المتحدث العاشر إن “مجلسًا رسميًا بين منظمات المجتمع المدني والحكومة بشأن المناخ قادر على تعزيز الحوار المستمر ويساعد على التغلب على التحديات البيروقراطية”.
علاوة على ذلك، هناك إمكانية لزيادة مشاركة القطاع الخاص في حركة المناخ في الأردن. فالشراكات مع شركات الطاقة المتجددة، على سبيل المثال، يمكن أن تدفع مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح القائمة على المجتمع المحلي، ما يوفر للمجتمعات المحلية خيارات الطاقة النظيفة مع تقليل الاعتماد الوطني على الوقود الأحفوري.
وأخيرًا، يوفر توسيع الشراكات مع منظمات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مسارًا لمنظمات المجتمع المدني الأردنية لزيادة حضورها الإقليمي. فمن خلال إنشاء شبكات إقليمية أكثر قوة، يمكن لهذه المنظمات مشاركة الموارد، الدعوة الجماعية بشأن القضايا الإقليمية، وتطوير برامج تعالج التحديات المناخية المشتركة. هذا النهج لا يعزز حركة المناخ في الأردن فحسب، بل يضعه أيضًا في موقع الريادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويساهم في استجابة إقليمية موحدة لقضايا المناخ.
الخاتمة
لا يزال التعاون بين منظمات المجتمع المدني والوكالات الحكومية في الأردن متأثرًا بالتحديات البيروقراطية ومحدودية الموارد وعدم اتساق التواصل. وفي حين أن التحالفات والائتلافات بين منظمات المجتمع المدني ساعدتهم على توسيع نطاق المناصرة، إلا أن بيئة التمويل التنافسية يمكن أن تقوض هذه الشراكات. كما أتاح التعاون الدولي والإقليمي لهذه المنظمات فرصًا وموارد، إلا أن هذه الشراكات ترافقها أيضًا تبعات وقيود.
وللتغلب على هذه التحديات، يمكن أن تستفيد منظمات المجتمع المدني الأردنية والوكالات الحكومية من إنشاء منصة رسمية للتعاون المستمر وزيادة الشراكات مع القطاع الخاص. كما يمكن للحكومة أيضًا إنشاء مجلس رسمي بين هذه المنظمات والحكومة لضمان إجراء حوار شفاف ومنصف ومنتظم. ومن خلال ترسيخ نهج تعاوني أكثر تنظيماً وتعاوناً، يمكن للحركة المناخية في الأردن أن تعزز تأثيرها وتساهم في تحقيق الأهداف المناخية الوطنية والإقليمية.
الموضوع 4: الدور في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ
تشارك منظمات المجتمع المدني الأردنية بشكلٍ متزايد في الفعاليات العالمية مثل مؤتمر الأطراف. وسمحت لها المشاركة في هذه المحافل بإيصال صوتها واكتساب رؤية دولية وتكوين شبكة علاقات. كما حصلت منظمتان أردنيتان من هذه المنظمات، وهما “الجمعية الملكية لحماية الطبيعة” و”جمعية الجيل الأخضر”، على صفة “مراقب” في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ما سمح لهما بلعب دور أكثر بروزًا في أنشطة مثل مؤتمر الأطراف. يبحث هذا القسم في دور منظمات المجتمع المدني الأردنية في مؤتمرات الأطراف، ومجالات تركيزها، والتحديات التي تواجهها في المساهمة بشكلٍ هادف في مناقشات السياسة المناخية الدولية.
1.المشاركة في مؤتمر الأطراف
أكد المتحدثون أن وزارة البيئة الأردنية كانت داعمة للغاية في تسجيل المشاركين الأردنيين في مؤتمرات الأطراف “كطرف زائد”. فمؤتمرات الأطراف هي أحداث رئيسية يجري خلالها التفاوض على السياسات والأطر الدولية المتعلقة بالمناخ، ما يجعلها منصات لمنظمات المجتمع المدني التي تسعى إلى التأثير في القرارات العالمية المتعلقة بالمناخ والدعوة إلى دعم التحديات المحلية. وذكر المتحدث 10 أن “المشاركة في مؤتمر الأطراف يتيح لمنظمات المجتمع المدني الأردنية التعلم من البلدان الأخرى وتطبيق الممارسات ذات الصلة محليًا”، ما يؤكد قيمة هذا الانفتاح الدولي. ومن الناحية العملية، يحدث ذلك في كثير من الأحيان من خلال المشاريع الإقليمية التي تشارك فيها هذه المنظمات ما يسهل تبادل المعرفة حول مواضيع مثل الحفاظ على المياه وممارسات الري والطاقة المتجددة. وتُطلق هذه الشراكات غالباً في الفعاليات الدولية مثل مؤتمر الأطراف.
ومع ذلك، فإن الطريق إلى المشاركة الفعالة في مؤتمر الأطراف ليس سهلاً. فالعديد من هذه المنظمات تواجه تحديات مالية ولوجستية تحد من قدرتها على إرسال ممثلين عنها. وتعني قيود التمويل أن عددًا قليلًا فقط من المنظمات المدعومة من الجهات المانحة الدولية أو الشبكات التنظيمية الأكبر، يمكنها الحضور. وقال المتحدث 9 إن “التمويل يشكل عائقًا كبيرًا أمام المشاركة المستمرة في مؤتمر الأطراف”، موضحًا أنه يجب على العديد من هذه المنظمات الاعتماد على التمويل القائم على المشاريع الذي لا يتماشى دائمًا مع الجداول الزمنية لمؤتمر الأطراف. ونتيجة لذلك، لا يحضر هذه الفعاليات بانتظام سوى عدد قليل من ممثلي مجتمع المناخ في الأردن. وبعبارة أخرى، تعاني هذه المنظمات من تحديات مثل ارتفاع تكاليف حضور الفعاليات الدولية، كما أنها تفتقر إلى الدعم المؤسسي لمشاركتها.
بالإضافة إلى ذلك، أعرب المتحدثون عن مخاوفهم من أن العديد من الحاضرين يركزون على الأهداف التنظيمية الفردية – مثل جمع التبرعات – بدلاً من الدعوة الجماعية نيابة عن احتياجات الأردن المناخية. يمكن أن يؤدي هذا التشتت إلى إضعاف تأثير منظمات المجتمع المدني الأردنية في المنتديات الدولية، كأن يفوتوا فرصًا لتقديم جبهة موحدة بشأن القضايا الملحة مثل ندرة المياه وتمويل التكيف مع المناخ. وأوضح المتحدث 12 أن”منظمات المجتمع المدني الأردنية تسعى غالباً إلى تنفيذ أجنداتها الخاصة في مؤتمر الأطراف، ما يحد من فعالية تمثيلنا الوطني”.
2.مجالات التركيز الرئيسية في مؤتمر الأطراف
عادةً، تعطي منظمات المجتمع المدني الأردنية الأولوية إلى مجالات تركيز عدة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف، ما يعكس التحديات المناخية الوطنية والشواغل الإقليمية الأوسع نطاقًا على حد سواء: الدعوة إلى تمويل التكيف مع المناخ؛ وتأكيد الحاجة الملحة إلى مواجهة ندرة المياه؛ ودعم إنشاء آليات للتعويض عن الخسائر والأضرار المناخية. ونظراً إلى ضعف الأردن في مواجهة نقص المياه والتصحر، فإن تمويل التكيف أمر بالغ الأهمية، إذ تحث هذه المنظمات في كثيرٍ من الأحيان الدول المتقدمة على زيادة الدعم المالي والتقني لتدابير التكيف. من الناحية العملية، حاولت المنظمات التأثير في المناقشات في هذه المجالات عبر التحدث في الفعاليات الجانبية في مؤتمر الأطراف وتنظيم حلقات نقاشية حول مواضيع ندرة المياه والطاقة المتجددة وغيرها.
كما تحتل الحاجة إلى تمويل الخسائر والأضرار مرتبةً عاليةً بين أولويات منظمات المجتمع المدني الأردنية في مؤتمر الأطراف. ويهدف تمويل الخسائر والأضرار إلى معالجة التأثيرات المناخية التي لا رجعة فيها وتؤثر بشكلٍ غير متناسب على البلدان الضعيفة مثل الأردن الذي يساهم بالحد الأدنى في الانبعاثات العالمية لكنه يعاني من عواقب وخيمة لتغير المناخ. وأوضح المتحدث 7 أن “تمويل الخسائر والأضرار ضروري لبلدان مثل الأردن، إذ يشعر بآثار تغير المناخ بعمق على الرغم من انخفاض انبعاثاتنا”، ما يؤكد أهمية تأمين الدعم الدولي للتعامل مع هذه الآثار. وأشار المتحدث 12 إلى اعتماد الأردن بقوة على المساعدات والتمويل الدوليين، واستغل مؤخرًا مؤتمر الأطراف لإطلاق حملات جديدة لجمع التبرعات مثل مبادرة الأردن بقيادة الأردن لمواجهة آثار تغير المناخ. تهدف هذه المبادرة التي أُطلقت عام 2022 في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين، إلى إعطاء الأولوية للبلدان المضيفة للاجئين التي تتحمل عبء تغير المناخ مثل الأردن. ومن أولويات هذه المنظمات الأخرى في مؤتمر الأطراف، الدفع باتجاه آليات التنمية المستدامة التي تتماشى مع الأهداف الوطنية للأردن، مثل تعزيز مشاريع الطاقة المتجددة والقدرة على التكيف مع المناخ في الزراعة. ومن خلال الدعوة إلى هذه الأولويات، تهدف المنظمات إلى ضمان أن تعكس الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمناخ احتياجات الدول النامية التي تطغى عليها غالباً أولويات الدول الأكبر والأكثر نفوذًا.
3.التحديات في الانخراط في السياسة المناخية الدولية
على الرغم من التقدم الذي أحرزته منظمات المجتمع المدني الأردنية في المشاركة في المحافل الدولية، إلا أنها لا تزال تواجه العديد من العقبات التي تحد من تأثيرها على سياسة المناخ العالمية. ويتمثل أحد التحديات الكبيرة في عدم وجود تمثيل متماسك، فتحضر العديد من المنظمات مؤتمر الأطراف بجداول أعمال وأولويات مختلفة. ولفت المتحدث 8 إلى أنه “من دون نهج موحد، من الصعب أن يكون لهذه المنظمات تأثير قوي في السياسة الدولية”، وهو شعور ردده العديد من المتحدثين الآخرين الذين أكدوا الحاجة إلى وجود تنسيق أكثر.
علاوةً على ذلك، تفتقر المنظمات إلى التدريب والموارد الكافية للتعامل مع بيئة مؤتمر الأطراف المعقدة، إذ يهيمن المفاوضون المتمرسون وممثلو الدول الكبرى على المناقشات. ونتيجة لذلك، قد تكافح منظمات المجتمع المدني الأردنية لإيصال صوتها أو الدعوة بفعالية للسياسات التي تتماشى مع احتياجات الأردن الخاصة. ولاحظ المتحدث 13 أن “المشاركة في مؤتمرات الأطراف تتطلب مستوى من الخبرة تفتقر إليه العديد من المنظمات المحلية”، ما يشير إلى أن مبادرات بناء القدرات يمكن أن تساعد المنظمات على المشاركة بفعالية أكبر في هذه المفاوضات عالية المخاطر. وستستفيد من ورش عمل بناء القدرات، والدورات التدريبية، والمشاركة الأقوى في الخطط الوطنية لتعزيز مشاركتها في مناقشات مؤتمر الأطراف. ويمكن لورش العمل حول عمليات التفاوض في مؤتمر الأطراف ومواءمة السياسات الإقليمية أن تعزز فعالية منظمات المجتمع المدني في المحافل العالمية؛ ومن شأن المجلس الرسمي المقترح بين هذه المنظمات والحكومة أن يساعد في هذا المجال الأخير.
بالإضافة إلى ذلك، ذكر المتحدثون أنه يبدو أن منظمات المجتمع المدني الأردنية – والوفد الرسمي – تشارك بشكل سلبي في مؤتمر الأطراف حين يتعلق الأمر بالمفاوضات ومناقشات السياسات؛ إذ يميل الوفد الرسمي إلى اتباع قيادة اللاعبين الرئيسيين الإقليميين الآخرين بدلاً من التعبير عن موقف أردني، في حين تحضر هذه المنظمات الفعاليات بشكلٍ أساسي بدلاً من أن تقود الطريق. في الواقع، اتفق معظم الذين جرت مقابلتهم على أن مشاركة المنظمات في مؤتمرات الأطراف مدفوعة بأجنداتهم الفردية، لزيادة ظهور مشاريعهم الخاصة، وفرص التواصل، وفرص جمع التبرعات. ولا يبدو أنها مهتمة بشكل خاص بالمساهمة في صنع السياسات أو دعم المفاوضات. وفي الوقت نفسه، لوحظ أن الوفد الحكومي الأردني لا يُدرّب منظمات المجتمع المدني الأردنية قبل انعقاد مؤتمر الأطراف ولا يحاول الاستفادة من خبراتها خلاله، بل يميلون إلى العمل في عزلة. وعلاوة على ذلك، تُبلّغ وزارة البيئة عادةً الموقف الرسمي للأردن بشأن تغير المناخ قبل أسبوع واحد فقط من الحدث، ولا يُفتح باب النقاش التشاركي لتعزيزه وجعله أكثر شمولية. وقد يؤدي هذا الافتقار إلى الشمولية أيضًا إلى تنفير الاستراتيجية الحكومية الأردنية، فيمكن أن لا تشعر المنظمات بملكية هذه الاستراتيجية.
ويكمن التحدي الآخر في الأولويات المتغيرة للمنتديات الدولية المعنية بالمناخ. إذ يتأثر جدول أعمال المؤتمر بشكلٍ كبير بمصالح اللاعبين الرئيسيين، ما يُصعّب على البلدان الصغيرة المحافظة على أولوياتها في بؤرة الاهتمام. وأشار المتحدثون في المقابلات عن إمكانية أن يكون تأمين الدعم الدولي لتمويل التكيف والخسائر والأضرار في الأردن صعباً، لأن هذه القضايا قد لا تتماشى دائماً مع أولويات الدول الأكثر ثراءً التي تركز غالباً على التخفيف من آثار تغير المناخ على حساب التكيف.
4. فرص تعزيز المشاركة الدولية
يمكن لمنظمات المجتمع المدني الأردنية اتخاذ عدة خطوات لتعزيز مشاركتها في مؤتمر الأطراف وغيره من المنابر الدولية. أولاً، يمكن أن يساعد تطوير نهج أكثر تنسيقًا لتمثيل مؤتمر الأطراف المنظمات على تقديم صوت موحد بشأن القضايا الرئيسية. واقترح المتحدث 14 أن “تشكيل ائتلاف وطني لمناصرة مؤتمر الأطراف يمكن أن يحسّن ظهور الأردن وتأثيره في المحافل الدولية”، مؤكدًا قيمة التعاون بين منظمات المجتمع المدني الأردنية في تحقيق هذا الهدف.
ثانيًا، يمكن أن يحسن الاستثمار في مبادرات بناء القدرات لممثلي المنظمات قدرتهم على خوض المفاوضات الدولية والدعوة بفعالية، وتمثيل الأردن في المحافل الدولية عبر تزويد هذه المنظمات ببرامج تدريبية تركز على مهارات التفاوض وتحليل السياسات والأطر الدولية للمناخ؛ ما من شأنه أن يزود المنظمات بالخبرة اللازمة للمشاركة بثقة أكبر في مؤتمرات الأطراف. وأوصى المتحدث 11 بأنه “ينبغي على منظمات المجتمع المدني السعي للحصول على الدعم من المنظمات غير الحكومية الدولية أو وكالات التنمية لبناء هذه المهارات”، وهي استراتيجية يمكن أن تعزز مشاركتها على المدى الطويل في المناقشات العالمية حول المناخ. ومع ذلك، أوضح المتحدث الثاني عشر أن هذا الجهد يجب أن يُستكمل باستعداد الحكومات لإشراك خبراء منظمات المجتمع المدني في المفاوضات والاجتماعات خلال مؤتمر الأطراف.
وعلاوة على ذلك، يمكن أن يعزز إنشاء تحالفات أقوى مع منظمات المجتمع المدني الإقليمية مناصرة الأردن لقضايا المناخ في المحافل الدولية. فمن خلال العمل مع منظمات من دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يمكن للمنظمات الأردنية بناء منصة جماعية للدعوة في القضايا المشتركة، مثل ندرة المياه والقدرة على التكيف مع المناخ. كما أن التعاون الإقليمي سيسمح لهذه المنظمات جمع الموارد وتبادل أفضل الممارسات، ما يقوي موقفها في مؤتمرات الأطراف وغيرها من المحافل.
5.المساهمات في العدالة المناخية العالمية
ذكر المتحدث 15 أن “منظمات المجتمع المدني الأردنية تتحمل مسؤولية التعبير عن التحديات الفريدة التي تواجهنا في الحوار العالمي حول المناخ”، مؤكداً أهمية دورها في تمثيل شواغل المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
يمكن للمنظمات الأردنية أن تساعد على تنظيم المناقشات الدولية حول العدالة المناخية عبر دعوتها لتمويل التكيف وآليات الخسائر والأضرار والتنمية المستدامة. وينبغي أن تركز مساهماتها على ضرورة دعم الدول الغنية للدول الضعيفة مالياً وتقنياً، بما يضمن أن يكون العمل المناخي العالمي منصفاً وشاملاً في آن واحد. ومع استمرار هذه المنظمات في المشاركة في مؤتمرات الأطراف، يجب عليها أن تدعو إلى المساعدة على تغيير أجندة المناخ العالمية لإعطاء الأولوية لاحتياجات البلدان التي تُهمّش غالبًا في هذه المحادثات.
الخاتمة
يمكن أن تمثل مشاركة منظمات المجتمع المدني الأردنية في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ ومؤتمرات الأطراف، خطوة حاسمة نحو رفع قضايا المناخ في الأردن على الساحة الدولية والدعوة إلى تحقيق العدالة المناخية العالمية. وفي حين أن تأثيرها في هذه المحافل لا يزال محدودًا بسبب قيود التمويل ونقص التمثيل المتماسك وتعقيدات المفاوضات الدولية وقلة مشاركة وإشراك الوفد الحكومي في هذه المحافل، حددت المنظمات أولويات رئيسية – مثل تمويل التكيف والتعويض عن الخسائر والأضرار – التي تتماشى مع التحديات المناخية الفريدة التي يواجهها الأردن. من خلال بناء نهج أكثر تنسيقًا، والاستثمار في بناء القدرات، والتعاون مع الحلفاء الإقليميين، يمكن أن تعزز هذه المنظمات تأثيرها في سياسة المناخ العالمية، وضمان تمثيل احتياجات الأردن المناخية في الاتفاقيات الدولية.
الموضوع 5: التوقعات والاستراتيجيات
بتقييم الأقسام السابقة، يقدم هذا القسم نظرة مستقبلية حول ما هو مطلوب لتحقيق تحول بيئي عادل في الأردن، وفقًا لمن جرت مقابلتهم. تتمحور الاستراتيجيات المستقبلية لمنظمات المجتمع المدني الأردنية حول بناء القدرة على الصمود داخل المجتمعات، ومواءمة الجهود مع الأهداف المناخية للبلاد، وتأمين تمويل مستقر. ويحلل هذا القسم الأولويات الرئيسية لهذه المنظمات ومسارات تحقيق التحول العادل واستراتيجيات تعزيز دور الأردن في المحافل الدولية المعنية بالمناخ مثل مؤتمر الأطراف. كما يجب أن تركز الجهود المستقبلية على تمكين المنظمات التي يقودها الشباب عبر برامج الإرشاد وتخصيص الموارد لمشاريع التكيف المجتمعية.
1.الأولويات الرئيسية للمستقبل
من الآن فصاعدًا، ستركز منظمات المجتمع المدني الأردنية على التكيف مع المناخ، وهو أمر بالغ الأهمية بشكلٍ خاص نظرًا إلى محدودية الموارد الطبيعية في الأردن وضعفها أمام ندرة المياه. وذكر المتحدث 10 أن “التكيف أمر بالغ الأهمية في بلد يؤثر فيه تغير المناخ بشكلٍ مباشر على المياه والزراعة”، ما يسلط الضوء على أهمية بناء القدرة على التكيف مع المناخ على مستوى المجتمع المحلي. تدرك منظمات المجتمع المدني الحاجة إلى العمل بشكلٍ وثيق مع المجتمعات المحلية لتنفيذ استراتيجيات تكيف عملية وذات صلة.
ومن القضايا المهمة الأخرى لهذه المنظمات تعزيز مشاركة الشباب وقيادتهم في الحركة المناخية في الأردن. فسكان الأردن من الشباب، وترى العديد من المنظمات – كما هو موضح ومناقش في النقطة الرابعة من القسم 1 – إمكانات كبيرة في تعبئة الشباب كمدافعين عن العدالة المناخية. كما أن الشباب مهمون أيضًا لأنهم أكثر وعيًا بتغير المناخ، وأكثر انخراطًا في الدعوة إلى العدالة المناخية، كما هو موضح في النقطة واحد من القسم 2. وأكد المتحدث 13 أن “الشباب هم المفتاح لقيادة التغيير طويل الأجل في سياسة المناخ في الأردن”، مشيرًا إلى أن الأجيال الشابة أكثر قبولاً لتبني وتعزيز الممارسات المستدامة. تهدف منظمات المجتمع المدني إلى توفير التدريب والموارد والمنصات للشباب ليصبحوا قادة في مجال الدعوة إلى قضايا المناخ، وبالتالي ضمان أن تبقى الحركة المناخية في الأردن ديناميكية وموجهة نحو المستقبل. وفي حين يرى البعض أن مشاركة الشباب قد تؤدي إلى استقطابهم من قبل الحكومة أو الجهات المانحة الدولية، أشار المتحدثون في المقابلات إلى أن هذا الخطر ينطبق أيضًا على منظمات المجتمع المدني الأكثر رسوخًا.
بالإضافة إلى ذلك، تعطي هذه المنظمات الأولوية للجهود الرامية إلى تأمين تمويل طويل الأجل وموثوق به للمبادرات المناخية. ونظرًا إلى التحديات المرتبطة بالاعتماد على التمويل الدولي، تسعى هذه المنظمات إلى تنويع مصادر تمويلها، من ضمنها إشراك القطاع الخاص واستكشاف خيارات جمع الأموال المحلية. ولاحظ المتحدث 11 أن “نموذج التمويل المستدام ضروري لتحقيق أثر طويل الأجل”، مؤكداً الحاجة إلى الاستقرار المالي لضمان استمرارية ونمو برامج المناخ في الأردن.
2. مسارات الانتقال العادل
بالنظر إلى الاستراتيجيات المستقبلية للانتقال البيئي العادل في الأردن، نحتاج أولاً إلى توضيح ما نعنيه بالانتقال العادل. ينطوي الانتقال العادل على تحقيق التوازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للعمل المناخي لضمان عدم تأثر أي شريحة من المجتمع بشكلٍ غير متناسب بالانتقال نحو الاستدامة. بالنسبة إلى الأردن، يشمل الانتقال العادل الجهود المبذولة لخلق فرص عمل خضراء، دعم صغار المزارعين في تبني ممارسات قادرة على التكيف مع المناخ، وضمان إدارة الموارد المائية بشكلٍ عادل.
يستكشف الأردن سبل دعم نمو الصناعات الخضراء، مثل الطاقة المتجددة التي يمكن أن توفر فرص عمل للأردنيين – تقدر بنحو 10,000 إلى 25,000 وظيفة – مع تقليل اعتماد البلاد على الطاقة المستوردة. من خلال الدعوة إلى تقديم حوافز سياسية تشجع الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يمكن للمنظمات وضع الطاقة المتجددة كحجر زاوية في انتقال البلاد إلى اقتصاد مستدام. وأكد المتحدث 15 أن “الوظائف الخضراء ضرورية للتحول العادل في الأردن”، مشيرًا إلى أن هذه الصناعات توفر إمكانات كبيرة للتوظيف والمرونة الاقتصادية.
وعلاوة على ذلك، ينبغي على المنظمات الدعوة إلى الوصول العادل إلى الموارد، خصوصاً المياه، كجزء من التزامها بالعدالة المناخية. فندرة المياه تؤثر بشكلٍ غير متناسب في المجتمعات الريفية والمجتمعات ذات الدخل المنخفض، وينبغي لمنظمات المجتمع المدني الدعوة إلى ضرورة أن تعالج السياسات المناخية هذا الخلل. ومن خلال الترويج للسياسات التي تضمن التوزيع العادل للموارد المائية، يمكن لهذه المنظمات المساهمة في عملية انتقالية تراعي الاحتياجات الخاصة للفئات السكانية الضعيفة، ما يجعل القدرة على التكيف مع المناخ أكثر شمولاً.
3.تعزيز المشاركة الدولية
وتتيح المشاركة في فعاليات مثل مؤتمر الأطراف لمنظمات المجتمع المدني الأردنية الدعوة إلى تقديم المساعدة المالية ودعم التكيف والتعويض عن الخسائر والأضرار، وهي أمور ضرورية لمعالجة مواطن الضعف المناخية في الأردن. ولفت المتحدث 7 إلى أن “التمثيل الدولي أمر حيوي لتأمين الموارد التي لا يمكن للأردن تأمينها بمفرده”، مؤكداً أهمية الحفاظ على حضور قوي في هذه المحافل.
ولتحسين مشاركتها الدولية، ينبغي على هذه المنظمات الاستثمار في مبادرات بناء القدرات التي تزود ممثليها بالمهارات اللازمة للدعوة الفعالة في الفعاليات العالمية. ومن شأن برامج التدريب التي تركز على التفاوض وتحليل السياسات والأطر الدولية للمناخ أن تُمكّن المنظمات من المشاركة بثقة أكبر وبشكل استراتيجي في مؤتمرات الأطراف. وأكد المتحدث 8 أن “على منظمات المجتمع المدني الأردنية العمل مع شركاء دوليين لبناء قدرات المناصرة”، ما يمكن أن يعزز تأثيرها في المفاوضات المناخية عالية المخاطر. وهذا من شأنه أن يسير جنبًا إلى جنب مع الدعم الحكومي لمثل هذه الأنشطة، وإشراك هذه المنظمات في المفاوضات والمناقشات السياسية على مختلف المستويات، بما فيها المستوى العالمي. وفي الوقت الحالي، يشارك الممثلون الحكوميون ببساطة في اجتماع ما قبل مؤتمر الأطراف، خلال الأسبوع الذي يسبق المؤتمر في عمان، ويقترحون على المنظمات المُشارِكة في المؤتمر ما يجب قوله وما لا يجب قوله، كما أوضح مختلف من جرت مقابلتهم.
ومن الاستراتيجيات الأخرى لتعزيز المشاركة الدولية، تشكيل تحالفات مع منظمات المجتمع المدني الإقليمية. يمكن للتعاون مع منظمات من بلدان أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن يعزز مناصرة الأردن لقضايا المناخ عبر تقديم صوتٍ إقليمي موحد بشأن القضايا المشتركة مثل ندرة المياه والتكيف مع المناخ. ويرى المتحدث 12 أنه “يمكن للتحالفات الإقليمية أن تزيد من ظهور الأردن وقدرته التفاوضية في المؤتمر”، ما يفيد في اتباع نهج منسق في الدعوة إلى العدالة المناخية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ولزيادة تأثيرها، يجب أن تدرك هذه المنظمات الحاجة إلى مزيدٍ من التنسيق والوحدة داخل الحركة المناخية الأردنية. في الوقت الحالي، تتسم أنشطة المناصرة المناخية في البلاد بالتشتت، فتسعى المنظمات الفردية في كثيرٍ من الأحيان إلى تحقيق أجنداتها الخاصة. ولمعالجة ذلك، ينبغي على هذه المنظمات النظر في خارطة طريق لتشكيل ائتلاف وطني للمناخ من شأنه أن يمكّنها من العمل بشكلٍ أكثر تماسكًا، وتقديم جبهة موحدة في المناصرة المحلية والدولية على حد سواء. وأوضح المتحدث 9 أن “التحالف الوطني قادر على منح المنظمات نفوذًا أكبر عند التعامل مع الحكومة والجهات المانحة الدولية”، مؤكدًا الفوائد المحتملة للعمل الجماعي.
كما يمكن لمثل هذا التحالف أن يُشكّل منصة لتبادل المعرفة وبناء القدرات، ما يسمح للمنظمات بتجميع الموارد وتبادل أفضل الممارسات. وعبر خلق مساحة يمكن للمنظمات من خلالها تنسيق جهودها، يمكن أن يُقلل التحالف الوطني التكرار ويزيد فعالية المنظمات في الأردن. كما أنه سيعزز تمثيل البلاد في المحافل الدولية، إذ يمكن أن يكون للصوت الموحد تأثير أكبر من المنظمات الفردية التي تعمل بشكلٍ مستقل.
4.توسيع الشراكات وتنويع التمويل
وإدراكًا لتحديات الاعتماد المالي على المانحين الدوليين، ينبغي على المنظمات البدء في البحث عن تنويع مصادر تمويلها عبر شراكات مع الجهات الفاعلة في القطاع الخاص، واستكشاف فرص جمع الأموال المحلية. توفر الشراكات مع الشركات، لا سيما التي تعمل في مجال الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة، وسيلة واعدة لتقاسم الموارد والتمويل المشترك للمشاريع. وقال المتحدث 14 إن “للقطاع الخاص إمكانات غير مستغلة لدعم المبادرات المناخية”، ما يشير إلى أن هذه المنظمات قادرة على الاستفادة من زيادة المشاركة مع الشركات المهتمة بالاستدامة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك خيار آخر يتمثل في استكشاف التمويل الجماعي، وجمع التبرعات المجتمعية كوسيلة لتوليد الدعم للمشاريع المحلية. فمن خلال إشراك المجتمعات المحلية في جهود التمويل، يمكن للمنظمات بناء شعور أقوى بالملكية والمساءلة للمبادرات المناخية. ومع ذلك، حذر العديد من المتحدثين من أن جمع التبرعات المحلية لا يزال صعبًا في الأردن بسبب محدودية الدخل المتاح، ما يجعل التمويل الدولي عنصرًا حاسمًا في تمويل المنظمات في المستقبل المنظور.
الخاتمة
وينبغي أن يركز مستقبل منظمات المجتمع المدني الأردنية في مجال الدعوة المتعلقة بالمناخ على إعطاء الأولوية للتكيف، تحقيق الانتقال العادل، وتعزيز حضورها في المحافل الدولية المعنية بالمناخ. وعبر التركيز على مجالات رئيسية مثل إشراك الشباب والتمويل المستدام والتوزيع العادل للموارد، يمكن لهذه المنظمات أن تلعب دورًا تحويليًا في تشكيل مستقبل المناخ في الأردن. بالإضافة إلى ذلك، توفر الجهود المبذولة لتنويع التمويل وتوسيع الشراكات وبناء حركة أكثر تماسكًا مسارات لتعزيز الفعالية والمرونة.
وبينما تمضي هذه المنظمات قدمًا، فإن إنشاء ائتلاف وطني للمناخ يمكّنها من العمل بشكلٍ أكثر تماسكًا، وتقديم جبهة موحدة في كل من المناصرة المحلية والدولية (الحد من المنافسة) والاستثمار في بناء القدرات سيكون أمرًا ضروريًا لتحقيق أهدافها على المدى الطويل. ومن خلال تنسيق جهودها وتعزيز الشراكات المحلية والدولية على حد سواء، يمكن للحركة المناخية في الأردن أن تخطو خطوات مهمة نحو تحول مستدام وعادل يعالج الاحتياجات والتحديات الفريدة للمجتمعات الأردنية.
الملحق أ
رقم المقابلة
المعرف العام
1
المؤسسة الأجنبية/المتبرع الأجنبي
2
موظف في منظمة بيئية دولية غير حكومية وطالب دكتوراه
3
ناشط شبابي في مجال المناخ
4
منظمة غير حكومية بيئية/إنسانية
5
ناشط شبابي في مجال المناخ
6
منظمة غير حكومية غير ربحية
7
ناشط شبابي وطالب دكتوراه
8
المؤسسة الأجنبية/المتبرع الأجنبي
9
المنظمات غير الحكومية الدولية
10
منظمة غير حكومية بيئية
11
منظمة استشارية بيئية/منظمة غير حكومية
12
أكاديمي
13
منظمة دولية/مستشار بيئي/مستشار بيئي
14
ناشط شبابي
15
مستشار بيئي/موظفو المنظمات غير الحكومية
16
المنظمات غير الحكومية الدولية
17
ناشط شبابي
الملحق ب
التسلسل الزمني لمعالم الحركة المناخية في الأردن
الستينيات والثمانينيات أسس الحفاظ على البيئة
– 1966: تأسيس الجمعية الملكية لحماية الطبيعة (RSCN). تأسست “الجمعية الملكية لحماية الطبيعة” في البداية كمنظمة غير حكومية، تركز على الحفاظ على الحياة البرية.
– 1973: تكليف الحكومة الأردنية “الجمعية الملكية لحماية الطبيعة” بتنظيم تراخيص الصيد، ما أدى إلى إنشاء أولى دوريات الصيد في الأردن.
– 1975: تأسست محمية الشومري للحياة البرية كأول محمية طبيعية في الأردن، بهدف حماية الأنواع المهددة بالانقراض مثل المها العربي.
التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين: إضفاء الطابع المؤسسي على الحوكمة البيئية
– 1992 (التصديق عليها في العام 1993): وقّع الأردن على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
– 1996: إنشاء المؤسسة العامة لحماية البيئة (GCEP) للإشراف على السياسة البيئية.
– 1998-2001: شهدت هذه السنوات واحدة من أطول فترات الجفاف وأشدها في تاريخ الأردن الحديث. وأثرت بشكلٍ كبير في الموارد المائية والزراعة والأمن الغذائي، ما أدى إلى تحديات اقتصادية واجتماعية واسعة النطاق.
– 2003: إنشاء وزارة البيئة. حلت الوزارة مكان المؤسسة العامة لحماية البيئة كسلطة بيئية في البلاد.
– 2003 (التصديق عليه في العام 2004): الأردن ينضم إلى بروتوكول كيوتو، معززاً بذلك التزاماته الدولية المتعلقة بالمناخ.
– 2007-2009: حدث جفاف شديد آخر خلال هذه السنوات، ما أدى إلى تفاقم مشاكل شح المياه المزمنة في الأردن. وأثر الجفاف بشدة على الإنتاجية الزراعية وأرهق موارد المياه المحدودة أصلاً في البلاد.
2010: التحديات المناخية وتصاعد النشاط
– 2013-2014: واجه الأردن جفافاً قاسياً بشكلٍ خاص خلال هذه السنوات، ما زاد الضغط على البنية التحتية المائية والقطاع الزراعي. وسلط الضوء على هشاشة أنظمة المياه في البلاد أمام التقلبات المناخية.
– 2016: تقديم الأردن أولى المساهمات المحددة وطنياً بموجب اتفاقية باريس (انضم إليها في عامي 2015/2016)، ويحدد أهداف التخفيف والتكيف.
– 2018-2019: أدى الجفاف الملحوظ خلال هذه الفترة إلى انخفاض كبير في هطول الأمطار، ما أثر على توافر المياه لسكان المناطق الحضرية والريفية على حد سواء. وأبرز هذا الجفاف التأثير المتزايد لتغير المناخ في الموارد المائية في الأردن.
2020: تسريع العمل المناخي والمشاركة الدولية
– 2021: تحديث الأردن مساهمته المحددة وطنياً مع زيادة أهداف الطاقة المتجددة وتوسيع استراتيجيات التكيف.
– 2022: إطلاق السياسة الوطنية لتغير المناخ، وإضفاء الطابع الرسمي على الأولويات في جهود التخفيف والتكيف.
– 2024: الحكومة الأردنية تتوسع في مشاريع تحلية المياه وحفظها استجابةً لظروف الجفاف المتفاقمة.
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.