رامي القاضي من أبرز الأسماء الصاعدة في عالم الموضة الفاخرة. هو مصممٌ لبناني نجح في بناء هوية فريدة تمزج بين التراث والابتكار، والحِرفية العالية والتكنولوجيا المتقدّمة. بدأ رامي رحلته في بيروت بشغف كبير لإتقان الحِرفة وصناعة أزياء تعبّر عن أنوثة عصرية، وسرعان ما توسّعت آفاقه الإبداعية مع انطلاقه نحو العالمية، حيث باتت تصاميمه تتقاطع مع الفنون، البيئة، والابتكار التقني.
بحسّ بصري عالٍ وإحساس عميق بالمستقبل، يواصل رامي القاضي تحدّي القواعد التقليدية للموضة، ليصنع لغة تصميمية تتحدث إلى الجيل الجديد من عشّاق الأناقة، من دون أن يتخلّى عن احترامه العميق للإرث الحِرفي. فبالنسبة إليه، الموضة ليست مجرد مهنة أو صيحة، بل وسيلة للتعبير، الاحتفاء، وإحداث تأثير حقيقي.
– لقد خضت رحلة مذهلة في عالم الموضة، كيف تصف تطوّرك كمصمّم منذ بداياتك حتى اليوم؟
رحلتي كمصمّم كانت مليئة بالنمو والاكتشاف. في البداية، ركّزت على إتقان الحِرفة وابتكار قطع تعكس مفهوماً عصرياً للأنوثة. ومع مرور الوقت، بدأت أجرّب أكثر وأوسّع حدود الإبداع. عملي في الخارج بعد انطلاقي في بيروت فتح أمامي آفاقاً جديدة، وألهمني استكشاف أفكار مبتكَرة، مثل دمج الموضة بالاستدامة، والتكنولوجيا، والفن.
أن أكون سفيراً للنوايا الحسنة في مجال الموضة المستدامة لدى الأمم المتحدة، وأن أُطلق أول مجموعة أزياء NFT خاصة بي، وأخيراً معرضي الفني الأول Highway to Heaven، كلها خطوات في مسيرة لا تزال تتطوّر. أنا دائماً في حالة تطوّر، وأبحث عن طُرق جديدة للتعبير عن نفسي من خلال التصميم.
– حدّثنا عن مفهوم وآلية العمل الإبداعي وراء مجموعتك الأخيرة؟
مجموعة Chaîne des Danses هي احتفاء بالأناقة الخالدة، وقد استلهمتها من عصور الروكوكو والباروك، لكن بلمسة عصرية جديدة. أردتُ أن أستكشف فكرة المرأة كراوية للحكايات، كيف تنقل الجمال والقوة والتعبير عبر الأجيال.
المجموعة تتبع رحلة بصرية تبدأ خلف كواليس مسابقة جمال وتصل الى نهاية ساحرة ومضيئة. تعاونت مع المخرج إيلي فهد لإحياء هذه القصة من خلال فيلم قصير يجسّد روح المجموعة. من ناحية التصميم، ستجدون إشارات إلى الخصر العالي والكورسيه والأكمام الواسعة، لكن أُعيد تصوّرها من خلال قصّات جريئة، وتفاصيل غير متوقعة. استخدمنا لوحة ألوان تتضمن الباستيل الناعم مع لمسات من الذهبي والزمردي، ولعبنا كثيراً على عنصر الخامات، مثل التطريز الدقيق وتطبيقات الزهور ثلاثية الأبعاد، لإضفاء العمق والحركة على كل قطعة.
في جوهرها، تحتفي المجموعة بغنى الماضي، بينما تتبنّى الإبداع والحرية والتواصل في عالم اليوم.
– ما هي مصادر الإلهام الأساسية التي تواصل تشكيل تصاميمك حتى اليوم؟
أستمدّ إلهامي من أشياء كثيرة: جذوري اللبنانية، طاقة بيروت، والنساء القوّيات من حولي. أنا شغوف بالأقمشة؛ أحب لمسها وتخيّل ما يمكن أن تصبح عليه. الطبيعة، الألوان، المشاعر، وحتى اللحظات اليومية البسيطة تثير أفكاراً جديدة لدي.
أحاول دائماً المزج بين التقاليد والابتكار، سواء عبر التفاصيل اليدوية أو استخدام التكنولوجيا الحديثة. بالنسبة إليّ، الأمر كله يتمحور على سرد القصص وإبراز جمال الأنوثة المعاصرة.
– تهانينا على لقب «مصمّم العام» في حفل Emigala 2025! ماذا تعني لك هذه الجائزة على الصعيدين الشخصي والمهني؟
أن أحصل على لقب «مصمّم الأزياء العربي للعام» في حفل Emigala 2025 هو شرف كبير بكل المقاييس. إنه اعتراف أكيد بالرحلة الإبداعية التي خضتها، رحلة تمزج بين التراث والابتكار، وتدفع حدود مفهوم الهوت كوتور.
كان تسلُّم الجائزة في دبي، وخلفيّة متحف المستقبل، لحظة استثنائية.
أهديت هذه الجائزة الى مسقط رأسي لبنان، وإلى كل امرأة لبنانية كانت مصدر إلهام لي. هذه الجائزة تذكير بأن الموضة لا تتعلق فقط بالإبداع والفن، بل أيضاً بالمجتمع، والمرونة، وسرد الحكايات. وهي تحفّزني على الاستمرار في التطور وبناء مستقبل تتلاقى فيه الحِرفية والاستدامة والابتكار الجريء.
– لقد صمّمت أزياء للكثير من نجمات العالم مثل Beyonce وPriyanka Chopra. كيف تتعامل مع تصميم الأزياء للشخصيات الرفيعة؟ وهل تعدّل رؤيتك الإبداعية لتناسبهنّ؟
عند التصميم لمشهورات عالميات مثل Beyonce أو Priyanka Chopra أو غيرهما… يكون النهج شخصياً وتعاونياً. أبقى وفياً لرؤيتي، لكنني أخصّص الوقت لفهم مَن هنّ، وما هي المناسبة، وما الرسالة التي يُردن إيصالها من خلال الإطلالة.
الموضة أداة قوية للتعبير عن الذات، لذا من الضروري أن يعكس التصميم شخصيتهنّ وفني في الوقت نفسه.
سواء تطلّبت اللحظة إطلالة جريئة ومؤثرة أو ناعمة وأنيقة، هدفي دائماً أن يشعرن بالثقة والتفرّد والسيطرة الكاملة على قصّتهن. الأمر كله يتعلق بتحقيق التوازن بين صوتي الإبداعي وأسلوبهنّ الفردي.
– علامتك تتميّز بأسلوب مستقبلي يمزج بين الهوت كوتور والتكنولوجيا. كيف تعرّف فلسفة Maison Rami Kadi؟
فلسفة Maison Rami Kadi تدور حول الدمج بين أناقة الماضي وإمكانيات المستقبل. أحترم الحِرفية التقليدية كثيراً، لكنني أؤمن أيضاً بضرورة التطور من خلال الابتكار والتكنولوجيا. من أدوات التصميم الرقمية إلى تقنيات التطريز ثلاثي الأبعاد، وحتى العروض الافتراضية التفاعلية، تلعب التكنولوجيا دوراً محورياً في تجسيد رؤيتنا الإبداعية.
مجموعات مثل Chaîne des Danses تعيد تصوّر جماليات عصور مثل الروكوكو والباروك برؤية حديثة.
كل قطعة تمثل تلاقياً بين الحِرفية اليدوية الدقيقة والتصميم الجريء العصري.
في جوهرها، Maison Rami Kadi هي مساحة للإبداع اللامحدود، حيث تصبح الموضة تحية للماضي ونظرة مستقبلية طموحة.
– في صناعة غالباً ما تتأرجح بين التقاليد والابتكار، كيف تحقق التوازن بين احترام الإرث ودفع حدود الإبداع؟
لا أرى التقاليد والابتكار قوّتين متنافستين، بل عنصرين متكاملين. أكنّ احتراماً كبيراً للحِرفية وفن الهوت كوتور، لذا أحرص على أن تكون دائماً في صميم عملي. لكنني أحب أيضاً استكشاف أفكار جديدة، سواء عبر التكنولوجيا أو الاستدامة، لابتكار شيء حديث وذي صلة بالعصر. الأمر كله يتمثل في إيجاد طريقة لتكريم الماضي، مع الاستمرار في دفع الموضة إلى الأمام.
– ما دور الاستدامة في أعمالك، خاصة مع تزايد التكامل بين التكنولوجيا والموضة؟
الاستدامة عنصر أساسي في عملي. أؤمن بأن الفخامة يمكن، بل يجب أن تكون واعية بيئياً. من استخدام المواد المُعاد تدويرها، إلى الزخارف الحيوية، أحرص على دمج الممارسات المستدامة من دون المساومة على الجمال أو الجودة.
التكنولوجيا تساعدنا كثيراً في هذا المجال، سواء من خلال استخدام خامات مستدامة أو تقنيات تقلّل من التأثير البيئي.
في مجموعاتي، مثل تلك التي عُرضت في قمة الأمم المتحدة للموضة، نسعى دائماً للجمع بين الفخامة والوعي البيئي.
بالنسبة إليّ، الاستدامة ليست مجرد موضة مؤقتة، بل مسؤولية مستمرة.
– ما النصيحة التي توجّهها الى المصمّمين الشباب من الشرق الأوسط أو من أي مكان آخر ممن يسعون لإثبات أنفسهم في عالم الموضة؟
أنصح المصمّمين الشباب بأن يبقوا أوفياء لرؤيتهم الفريدة، وأن يتبنّوا كلاً من التقليد والابتكار. لا تخافوا من كسر القواعد أو تجربة مواد جديدة أو استخدام التكنولوجيا.
ابحثوا عن التوازن بين جذوركم الثقافية والنظرة المستقبلية.
تجرّأوا، وابقوا شغوفين، وتذكّروا أن الموضة أكثر من مجرد ملابس، إنها وسيلة لسرد القصص وإيصال الرسائل.
– بصوتك الإبداعي المميز، كيف تواصل التطور مع الحفاظ على هوية علامتك؟
الوفاء لهوية علامتي يعني الالتزام بالقيم الأساسية: الحِرفية، الابتكار، والأنوثة العصرية. لكنّ التطور ضروري.
أحب دائماً استكشاف طرق جديدة لتوسيع رؤيتي، سواء من خلال مواد جديدة أو تقنيات أو مفاهيم تصميمية. لا أريد أن أشعر بمزيد من الراحة. قد تتغير مجموعاتي بتغيّر العالم من حولي، لكنني أحرص على أن يبقى جوهر هويتي، ذلك المزيج من الجرأة والأناقة والإبداع، حاضراً في كل ما أقوم به.
شارك