رغم انخراطها في مفاوضات غير مباشرة مع واشنطن بشأن برنامجها النووي، طلبت إيران من الصين آلاف الأطنان من المواد اللازمة لإنتاج صواريخها الباليستية، وفق صحيفة «وول ستريت جورنال» التي أشارت إلى أن الشحنة قد تُنقل عبر أحد وكلاء طهران في المنطقة، وأنها ستكفي لإنتاج 800 صاروخ.
وبحسب أشخاص مطلعين على الصفقة، من المتوقع أن تصل شحنات من بيركلورات الأمونيوم إلى إيران في الأشهر المقبلة، ويمكن أن تُزوّد مئات الصواريخ الباليستية بالوقود. وأوضح أحدهم أن جزءاً من هذه المادة من المحتمل أن يُرسل إلى ميليشيات في المنطقة متحالفة مع إيران، بمن في ذلك الحوثيون في اليمن.
وتواصل إيران، وفق الصحيفة، توسيع مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى ما دون درجة تصنيع الأسلحة مباشرة، ورفضت التفاوض على فرض قيود على برنامجها الصاروخي.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد ناقش المفاوضات في مكالمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكتب ترمب، الأربعاء، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: «الوقت ينفد فيما يتعلق بقرار إيران بشأن الأسلحة النووية».
إعادة بناء «محور المقاومة»
وطلب كيان إيراني يُدعى «بيشكامان تجارت رفي نوين» مكونات الصواريخ خلال الأشهر الماضية من شركة «ليون كوموديتيز هولدينغز» المحدودة، ومقرها هونغ كونغ، بحسب أشخاص مطلعين على الطلب.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أن بلاده «لم تكن على علم بالعقد». وقال: «لقد مارست الصين دائماً رقابة صارمة على المواد ذات الاستخدام المزدوج، بما يتماشى مع قوانين ولوائح مراقبة الصادرات الصينية، والتزاماتها الدولية». وكانت إيران تبحث عن وسائل لإعادة بناء ما يُعرف بـ«محور المقاومة»، بعد أن وجهت إسرائيل ضربات لـ«حزب الله» في لبنان وحركة «حماس» في غزة، وسقوط نظام الأسد في سوريا.
وقد ألحقت الضربات الأميركية والإسرائيلية أضراراً بقدرات الحوثيين، رغم أنهم لا يزالون يشكلون تهديداً لإسرائيل.
مؤخراً، نقلت إيران صواريخ باليستية إلى جماعات شيعية في العراق، والتي قد تستهدف إسرائيل والقوات الأميركية في المنطقة، كما أكّدت المصادر للصحيفة. وقد تم الإبلاغ سابقاً عن هذه الشحنات من قبل صحيفة «تايمز أوف لندن».
وتمتلك إيران أحد أكبر برامج الصواريخ الباليستية في المنطقة، وفقاً لمسؤولين أميركيين. وتُعد بيركلورات الأمونيوم، وهي مؤكسد يُستخدم في الألعاب النارية، مكوناً أساسياً للوقود الصلب المستخدم في أكثر صواريخ إيران الباليستية فاعلية.

في وقت سابق من هذا العام، تم تحميل سفينتين إيرانيتين رستا في الصين بأكثر من 1000 طن من بيركلورات الصوديوم، وهي مادة أولية لإنتاج بيركلورات الأمونيوم. وتم تسليم هذه المواد إلى موانئ إيرانية في منتصف فبراير (شباط) وأواخر مارس (آذار)، بحسب متتبعي الشحن.
وقال مسؤولون إن كمية بيركلورات الصوديوم كانت كافية لتزويد نحو 260 صاروخاً قصير المدى بالوقود. وقال أحد المسؤولين إن العقد الجديد والأكبر لبيركلورات الأمونيوم قد يكون كافياً لإيران لإنتاج 800 صاروخ. وتم توقيع العقد قبل عدة أشهر، على الأرجح قبل أن يعلن ترمب في أوائل مارس أنه اقترح محادثات نووية على المرشد الإيراني علي خامنئي.
وفي 29 أبريل 2025، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 6 أشخاص و6 كيانات مقرها في إيران والصين لدورها في «شراء مكونات وقود الصواريخ الباليستية»، بما في ذلك بيركلورات الصوديوم، لصالح «الحرس الثوري» الإيراني. وبعد أسبوعين، أُضيفت عقوبات على كيانات وأشخاص صينيين وهونغ كونغيين لمساعدتهم على صناعة الصواريخ الإيرانية.
وأضافت وزارة الخزانة بيركلورات الصوديوم إلى قائمة المواد التي قالت إنها تُستخدم في البرامج العسكرية أو النووية أو الصاروخية الباليستية الإيرانية.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية: «قدّم كيانات وأفراد صينيون دعماً لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، بالإضافة إلى جهود إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة للحوثيين، ولهذا السبب نواصل تحديدهم وفرض العقوبات عليهم».

مخاطر محتملة
قال فابيان هينز، وهو محلل عسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن إيران على الأرجح تحتاج إلى مواد من الخارج لتجنب الاختناقات في قدراتها الإنتاجية المحلية.
ويخلق تخزين المواد القابلة للاشتعال مخاطر؛ فقد أسفر انفجار في أبريل (نيسان) 2025 في ميناء رجائي ببندر عباس جنوب إيران، الذي يتعامل مع معظم تجارة الحاويات الإيرانية، عن مقتل العشرات، بحسب وسائل إعلام رسمية.
وكان الانفجار نتيجة سوء التعامل مع المواد المتفجرة من قبل وحدة تابعة لـ«قوة القدس» في «الحرس الثوري». وقال مسؤول إن بعض بيركلورات الصوديوم المستوردة من الصين في وقت سابق هذا العام فُقد في الانفجار. قال هينز للصحيفة: «هذه المواد تشكل خطراً كبيراً على نشوب الحرائق والانفجارات. ولا يملك المجمع الصناعي الدفاعي الإيراني سجلاً قوياً في ضمان معايير السلامة».