We value your privacy

We use cookies to enhance your browsing experience, serve personalised ads or content, and analyse our traffic. By clicking "Accept All", you consent to our use of cookies.

Customise Consent Preferences

We use cookies to help you navigate efficiently and perform certain functions. You will find detailed information about all cookies under each consent category below.

The cookies that are categorised as "Necessary" are stored on your browser as they are essential for enabling the basic functionalities of the site. ... 

Always Active

Necessary cookies are required to enable the basic features of this site, such as providing secure log-in or adjusting your consent preferences. These cookies do not store any personally identifiable data.

No cookies to display.

Functional cookies help perform certain functionalities like sharing the content of the website on social media platforms, collecting feedback, and other third-party features.

No cookies to display.

Analytical cookies are used to understand how visitors interact with the website. These cookies help provide information on metrics such as the number of visitors, bounce rate, traffic source, etc.

No cookies to display.

Performance cookies are used to understand and analyse the key performance indexes of the website which helps in delivering a better user experience for the visitors.

No cookies to display.

Advertisement cookies are used to provide visitors with customised advertisements based on the pages you visited previously and to analyse the effectiveness of the ad campaigns.

No cookies to display.

Close Menu
rabsnews.com

    اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً

    اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.

    اختيارات المحرر

    كيف تفضح صورة الأسير الإسرائيلي الجائع نتنياهو؟

    أغسطس 2, 2025

    لمحة عن الأسطول الأمريكي بعد قرار ترامب بتحريك غواصات نووية

    أغسطس 2, 2025

    ماذا يعني دخول قطاع غزة المرحلة الثالثة من التجويع؟

    أغسطس 2, 2025
    فيسبوك X (Twitter) الانستغرام
    السبت, أغسطس 2, 2025
    اخر الأخبار
    • كيف تفضح صورة الأسير الإسرائيلي الجائع نتنياهو؟
    • لمحة عن الأسطول الأمريكي بعد قرار ترامب بتحريك غواصات نووية
    • ماذا يعني دخول قطاع غزة المرحلة الثالثة من التجويع؟
    • أحداث اليوم الإخباري | أبو علي: نظام الفوترة الوطني يشكل أداة أساسية لضبط الاقتصاد ومحاربة التهرب الضريبي
    • مظاهرات في تل أبيب بعد فيديو “الرهائن الجوعى”
    • «فن الشارع» في دبي .. رؤية جمالية تنقل «الغرافيتي» من العشوائية إلى أداء وظيفة اجتماعية
    • يوم أهداني زياد الرحباني موسيقى فيلم «عائد إلى حيفا» – Al-Aalem
    • ‘صحة غزة’: المستشفيات تغرق في بحر الإصابات… حماس تشترط لتسليم السلاح
    فيسبوك X (Twitter) الانستغرام واتساب
    rabsnews.comrabsnews.com
    Demo Ad 2 Ad 3
    إشترك الآن
    • اخبار محلية (لبنان)
    • اخبار عالمية
    • رياضة
    • صحة
    • فن
    • موسيقى
    • موضة
    • انتاج
    • احداث
    • اسعار العملات والتداول
    • برامج
    rabsnews.com
    أنت الآن تتصفح:الرئيسية » هل ستنجو تونس من الاستعمار الأخضر؟ – Arab Reform Initiative
    مجتمع

    هل ستنجو تونس من الاستعمار الأخضر؟ – Arab Reform Initiative

    Info@rabsgroup.comInfo@rabsgroup.comيونيو 19, 2025لا توجد تعليقات21 دقائق
    فيسبوك تويتر واتساب
    شاركها
    فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني

    مقدمة

    في العام 2023، كانت تونس تستورد نحو نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي، ما يجعلها معرضةً بشدة إلى تقلبات الأسعار وانعدام أمن الطاقة. وفي الوقت نفسه، يُروّج للبلد كمركزٍ مستقبلي للطاقة المتجددة، مع وعود طموحة بتزويد أوروبا بالطاقة النظيفة.

    على الرغم من ذلك، ومع مساهمة الطاقة المتجددة بنسبة 3 في المئة فقط من مزيج الطاقة في تونس، يبرز سؤال رئيسي هو: هل التحول في مجال­ الطاقة في تونس يتعلق حقًا بالاستدامة الوطنية، أم أنه يمهد الطريق لعصرٍ جديدٍ من التبعية؟

    وحددت الحكومة هدفًا يتمثل في الوصول إلى 35 في المئة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030، لكن يبقى هذا الهدف طموحًا أكثر من كونه قابلًا للتحقيق، نظرًا لاعتماد البلاد الكبير على واردات الوقود الأحفوري وتحديات الحوكمة. ومن دون معالجة هذه القضايا الهيكلية، فإن تونس تخاطر بالوقوع في شكلٍ من أشكال الاستعمار الأخضر، فتنتج الطاقة النظيفة للتصدير، بينما يستمر مواطنوها في مواجهة النقص وارتفاع التكاليف.

    تتجاوز الحاجة الملحة إلى التحول في مجال الطاقة في تونس العوامل التكنولوجية والاقتصادية. فهي متداخلة بعمق مع أوجه العجز في الحوكمة، والشواغل المتعلقة بالمساواة، والحاجة إلى مشاركة المجتمع المدني بشكلٍ هادف. فالانتقال العادل يتطلب أكثر من مجرد بنية تحتية واستثمارات أجنبية، ليصل إلى الالتزام بمبادئ الانتقال العادل التي تضمن الشفافية والشمولية والحوكمة الرشيدة.

    وسلّطت مناقشة مائدة مستديرة عُقدت في تشرين الأول/أكتوبر 2024 بعنوان “تفكيك الانتقال العادل: المفهوم والمجتمع المدني والحوكمة في مسار الطاقة في تونس”، الضوء على هذه القضايا الملحة. وقدمت رؤى حاسمة حول إمكانية أن تتغلّب تونس وبلدان أخرى في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا على تعقيدات السيادة على الطاقة والتنمية المستدامة من دون التضحية بالعدالة الاجتماعية.

    1. تحديات الانتقال العادل في تونس

    1.1. التفاوتات التاريخية والموروثات الاستعمارية والتبعية الخارجية

    لطالما تأثر قطاع الطاقة في تونس بالاستغلال الخارجي، ما حدّ من سيطرة البلاد على مواردها الخاصة. وكما أبرزت ياسمينة الأمين خلال المائدة المستديرة، فإن البنية التحتية للطاقة في تونس صُممت تاريخياً لخدمة مصالح الاستثمار الأجنبي بدلاً من احتياجات التنمية المحلية. ففي ظل الحكم الاستعماري، جرت هيكلة استخراج الموارد لصالح الهيمنة الأوروبية، مع إعطاء الأولوية للصادرات على حساب أمن الطاقة المحلي. ولم يستمر هذا الإرث فحسب، بل تطور إلى أشكالٍ جديدةٍ من التبعية تحت ذريعة التحول في مجال الطاقة المتجددة.

    وحتى بعد الاستقلال، كافحت تونس لتأكيد سيادتها الكاملة على قطاع الطاقة. فكانت المبادرات التي تقودها جهات أجنبية و”المساعدات المالية” الدولية تأتي في كثيرٍ من الأحيان مصحوبةً بشروط تعطي الأولوية للأسواق الخارجية. واليوم، تعود هذه الديناميكية إلى الظهور من جديد في تحول تونس في مجال الطاقة المتجددة، فصُممت مشاريع الطاقة الخضراء واسعة النطاق بشكلٍ متزايدٍ للتصدير، خصوصاً إلى أوروبا. وعلى الرغم من تأطيرها كخطوة نحو الاستدامة، فقد ثبت أن هذه المشاريع تخاطر بتكرار أنماط الماضي، إذ يتشكل إنتاج الطاقة بحسب المصالح الخارجية بدلاً من الاحتياجات المحلية.

    ومن دون تحولٍ في الحوكمة وأولويات السياسات، قد يصبح التحول في تونس بمجال الطاقة المتجددة فصلاً آخر في تاريخٍ طويلٍ من استخراج الموارد التي تعود بالنفع على الآخرين، بينما تُترك المجتمعات المحلية من دون سيطرةٍ تُذكر على مستقبل الطاقة الخاصة بها.

    لذلك، أصبح واضحاً بشكلٍ متزايد أن الانتقال العادل في تونس يتطلب أكثر من الاستثمارات الأجنبية والتعاون الثنائي. فهو يتطلب قطيعةً حاسمةً مع أنماط الاستغلال والتبعية التاريخية.

    واليوم، لا يزال قطاع الطاقة في تونس يتشكل من خلال مزيجٍ من سيطرة الدولة ومشاركة القطاع الخاص والمؤسسات المالية الدولية. وتلعب الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وهي مملوكة للدولة، دورًا مهيمنًا في توليد الكهرباء وتوزيعها. ومع ذلك، فهي تعمل في إطارٍ يتأثر بشكلٍ متزايد بالجهات الفاعلة المالية الخارجية.

    وأدخلت المؤسسات الدولية، ومن ضمنها الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية، آليات مالية مثل أطر التعاون الأخضر، واستثمارات الطاقة المدعومة من الاتحاد الأوروبي، والشراكات بين القطاعين العام والخاص لتسريع عملية التحول إلى الطاقة المتجددة في تونس. وبينما تُؤطّر هذه الآليات على أنها فرص للتنمية المستدامة، تخاطر بإعادة إنتاج الأنماط التاريخية للتبعية الاقتصادية.

    ويمكن أن تؤدي الشروط المرتبطة بالتمويل الدولي، مثل الإصلاحات الهيكلية التي تعزز الخصخصة، إلى تقليص سيادة تونس على قطاع الطاقة.

    ويدق هذا الأمر ناقوس الخطر بشأن التكيف الهيكلي الأخضر، فتأتي القروض والاستثمارات التي تهدف إلى دعم تطوير الطاقة النظيفة بشروط سياسية تعطي الأولوية للأسواق والمستثمرين الأجانب على حساب الاحتياجات المحلية. فقد مهدت الصفقة الخضراء الأوروبية واستراتيجية البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، الطريق بالفعل لزيادة المشاركة الأوروبية في البنية التحتية للطاقة في شمال أفريقيا، ما قد يُحول تونس إلى مصدرٍ للطاقة المتجددة، بينما لا يزال أمن الطاقة المحلي هشًا.

    ومن دون معالجة هذه الفوارق المتجذرة بعمق، تخاطر تونس بتكرار ديناميات التبعية نفسها، ولكن هذه المرة تحت ستار التحول إلى الطاقة الخضراء، وربما بكلفةٍ أعلى على السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية.

    2.1. مخاطر مشاريع الطاقة العملاقة في تونس

    يُروّج لتونس على أنها “الأكثر جاذبيةً للاستثمار في التحول في مجال الطاقة”، بعد أن احتلت المرتبة 20 في تقرير “كلايمتسكوب 2023” . ويولي العديد من المستثمرين الأجانب اهتمامًا بقطاع الطاقة في البلاد، فيأتون بالعديد من صفقات الطاقة المتجددة التي، وإن بدت طموحة، إلا أنها تنطوي أيضًا على مخاطر كبيرة تقوّض سيادة تونس في مجال الطاقة وتفاقم التفاوتات القائمة.

    وادي الهيدروجين الأخضر: ندرة المياه والنزعة الاستخراجية الجديدة

    يضع مشروع وادي الهيدروجين الأخضر تونس كمصدرٍ رئيسي للهيدروجين الأخضر، ولكن بأي ثمن؟ إن اعتماد المشروع على تحلية كمياتٍ هائلةٍ من مياه البحر للتحليل الكهربائي، يثير مخاوف ملحة في بلدٍ يفتقر 27 في المئة من سكانه إلى إمكانية الوصول الموثوق إلى المياه النظيفة. ومن المعروف أن تونس هي بالفعل واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهادٍ مائي في العالم، حيث تنخفض موارد المياه العذبة المتجددة إلى أقل من 400 متر مكعب للفرد سنوياً، أي أقل بكثير من عتبة 1000 متر مكعب لندرة المياه.

    تشير التقديرات الأولية إلى أن إنتاج الهيدروجين الأخضر على نطاقٍ واسع، يمكن أن يستهلك ما يصل إلى 9 لترات من المياه لكل كيلوغرام من الهيدروجين المنتج، ما يضيف ضغطاً هائلاً إلى احتياطيات المياه التونسية المنهكة بالفعل.

    وأعربت منظمات المجتمع المدني، ومن ضمنها “المرصد التونسي للمياه” و”المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، عن مخاوفها من إمكانية تحويل الموارد المائية المحلية من الاستخدام الزراعي والمنزلي إلى خدمة احتياجات الطاقة الأوروبية.

    وعلى الرغم من هذه المخاطر، دأب المسؤولون التونسيون على تأطير المشروع كفرصة اقتصادية، فقدموه على أنه استثمار أجنبي محتمل وفرصة لخلق فرص عمل.

    ومع ذلك، يجادل المنتقدون بأنه من دون لوائح قوية وآليات محلية لتقاسم المنافع، فإن تونس تخاطر بالوقوع في نموذج استخراجي جديد، فتُستخرج الموارد، ويقع العبء البيئي على المجتمعات المحلية، وتتدفق الأرباح إلى الخارج.

    موصّل “إلميد”، MEDGRID ،RePowerEU: الطاقة إلى أوروبا والتكاليف على تونس؟

    تهدف هذه المبادرات إلى إدماج تونس في سلسلة إمدادات الطاقة المتجددة في أوروبا من خلال بنيةٍ تحتيةٍ واسعة النطاق لتصدير الكهرباء. وفي حين تُقدّم مثل هذه المشاريع على أنها مكسب لكلا المنطقتين، إلا أن الشروط الاقتصادية تشير إلى وجود خللٍ في التوازن يمكن أن يعمق تبعية تونس.

    ويتمثل أحد الشواغل الرئيسية في العبء المالي الواقع على شركة الكهرباء الوطنية التونسية. فبموجب اللوائح الجديدة، يُطلب من شركة الكهرباء التونسية قانونًا شراء الكهرباء من مستثمرين من القطاع الخاص بأسعارٍ متضخمة بالعملة الأجنبية، ما يدعم فعليًا مصالح الطاقة الأجنبية على حساب القدرة المحلية على تحمّل التكاليف. وأدت هذه الديناميكية بالفعل إلى ارتفاع تكاليف الكهرباء المحلية، في حين لا يزال وصول تونس إلى الطاقة غير مستقر.

    وعلاوة على ذلك، يجادل المنتقدون بأن هذه المشاريع تعزز “المفارقة الخضراء”، فتنتج تونس الطاقة المتجددة فقط لتصديرها إلى أوروبا، في الوقت الذي تعاني من مشكلة أمن الطاقة المحلي. وأعرب الاتحاد العام التونسي للشغل والجماعات البيئية عن مخاوفهم بشأن انعدام الشفافية في هذه الاتفاقيات، متسائلين عما إذا كانت تخدم المصالح الوطنية أو تفيد الأسواق الأوروبية في المقام الأول.

    وبرزت احتجاجات وانتقادات في هذا الرد، لا سيما في ما يتعلق بالسرية التي تحيط بشروط عقد مشروع “إلميد”، فضلاً عن المخاوف من أن تبقى تونس حبيسة نموذج تصدير الطاقة من دون ضمان فوائد مجدية على المدى الطويل.

    فمن دون إصلاحات في الحوكمة تضمن السيادة المحلية في مجال الطاقة، تخاطر تونس بأن تصبح ممرًا لتصدير الطاقة، فتستفيد الشركات الأجنبية، بينما تتحمل المجتمعات المحلية التكاليف الاجتماعية والاقتصادية.

    3.1. تونس في السياق الأوسع: انعكاس معضلة الحوكمة على مستوى منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا

    إن التحدي الذي تواجهه تونس في تحقيق التوازن بين الشراكات الدولية وأولويات التنمية المحلية، يعكس معضلة حوكمة أوسع في جميع أنحاء منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا. فالعديد من البلدان تخوض غمار الانتقال المعقد إلى مصادر الطاقة المتجددة، بينما تكافح لتجنب أشكالٍ جديدة من التبعية الخارجية وتعميق التفاوتات الاجتماعية.

    ومن أبرز الأمثلة على ذلك توسّع المغرب في مجال الطاقة الشمسية، لا سيما مشروع نور ورزازات الذي وضع البلاد في موقع الريادة في مجال الطاقة المتجددة. ومع ذلك، واجه المشروع نزاعاتٍ كبيرة حول حقوق الأراضي ومخاوف من تشريد المجتمع المحلي، فلم يُستشر العديد من السكان المحليين بشكلٍ كافٍ، كما أن آليات التعويض لم تكن كافية.

    يمكن لتونس أن تتعلم من تجربة المغرب من خلال إعطاء الأولوية للمشاركة المجتمعية، وضمان شفافية عمليات حيازة الأراضي، وضمان آليات تقاسم المنافع المحلية. كما يمكن أن يؤدي وضع ضمانات قانونية تمنع عمليات نقل ملكية الأراضي القسرية، وتقديم حصص في الأسهم أو خطط تقاسم الإيرادات للمجتمعات المتضررة إلى التخفيف من المخاطر المماثلة.

    وبالمثل، نجح “محطة بنبان للطاقة الشمسية” في مصر، وهو أحد أكبر مزارع الطاقة الشمسية في العالم، في جذب الاستثمارات الدولية بنجاح، لكنه كشف عن تحدياتٍ في ضمان تأمين فرص عمل محلية وتوزيع منافع الطاقة بشكلٍ عادل. وينبغي أن تنتبه تونس إلى أهمية وجود سياسات عمالية قوية في مجال الطاقة المتجددة، بما يضمن ترجمة الاستثمارات إلى فرص عمل طويلة الأجل للمجتمعات المحلية، بدلاً من الاعتماد على القوى العاملة الموقتة أو الأجنبية.

    ففي الأردن، أدى التوسع السريع في مشاريع الطاقة المتجددة التي يقودها القطاع الخاص إلى ارتفاع أسعار الكهرباء، فتضمنت العقود المبرمة مع المستثمرين الأجانب اتفاقيات إعادة شراء باهظة الثمن. ويمكن أن تذكرنا هذه الإشارة الأخيرة بالخصخصة الجارية في تونس في مجال الطاقة، لا سيما في سياق مشاريع مثل مشروع “إلميد” التي ينبغي تقييمها بعناية، لتجنب الوقوع في مطبات مماثلة. ويمكن أن يضمن تطبيق لوائح التسعير وحصص الملكية العامة ومتطلبات إعادة الاستثمار المحلي، ألا يُثقِل تطوير الطاقة المتجددة كاهل المستهلكين التونسيين بشكلٍ غير متناسب.

    وبالتالي، يمكن أن تقدم تجربة تونس دراسة حالة ذات صلة لبلدانٍ أخرى في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا. وما لم تُعزّز الحوكمة، فإن الانتقال العادل يخاطر بتكرار التفاوتات السابقة، فيستفيد أصحاب المصلحة الخارجيون من ثروة الموارد أكثر من السكان المحليين.

    2. أوجه القصور في الحوكمة

    1.2. التحديات المستمرة في قطاع الطاقة في تونس

    لطالما عانى قطاع الطاقة في تونس من الحوكمة غير الشفافة، وهو نمط مستمر حتى مع تحول البلاد نحو مصادر الطاقة المتجددة. وكما يلاحظ شرف الدين اليعقوبي، لم تُعالج إخفاقات الحوكمة في قطاع النفط والغاز، مثل العقود غير الشفافة مع شركات النفط الأجنبية واستبعاد المجتمعات المحلية من عملية صنع القرار، بشكلٍ كامل. وأدى هذا الافتقار إلى الشفافية تاريخياً، إلى تآكل ثقة الجمهور وتأجيج الاضطرابات الاجتماعية، لا سيما في المناطق الغنية بالموارد مثل قبلي وتطاوين، إذ تكررت الاحتجاجات على استغلال الطاقة من دون فوائد محلية.

    ولسوء الحظ، فإن تحديات الحوكمة نفسها تطفو على السطح الآن في عملية التحول إلى الطاقة المتجددة في تونس. وأحد الأمثلة الصارخة على ذلك هو عقد الطاقة الشمسية لعام 2022 الذي مُنح إلى كونسورتيوم أجنبي من دون الإفصاح العلني عن الشروط الرئيسية، بما في ذلك اتفاقيات التسعير وتفاصيل حيازة الأراضي.

    وتثير السرية التي تحيط بمثل هذه الصفقات مخاوف من أن تعطي تونس الأولوية مرة أخرى لسياسات الطاقة القائمة على التصدير على حساب القدرة على تحمل التكاليف المحلية والتنمية المحلية.

    وعلاوة على ذلك، دعت منظمات المجتمع المدني مثل “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” ومنظمة “أنا يقظ” مرارًا وتكرارًا إلى مزيدٍ من الشفافية في اتفاقيات الطاقة. ومع ذلك، غالبًا ما تذهب مطالبهم أدراج الرياح، فيجري التفاوض على عقود الطاقة الكبرى خلف الأبواب المغلقة، متجاوزين التدقيق العام والرقابة الديمقراطية.

    ويهدد هذا النمط بحبس تونس في دائرة من التبعية في مجال الطاقة وتصدير الطاقة المتجددة، بينما تعاني المجتمعات المحلية من ارتفاع تكاليف الكهرباء ومحدودية الوصول إلى الطاقة بأسعارٍ معقولة. ومن دون اعتماد إصلاحات هيكلية في مجال الحوكمة، يمكن أن يعزز التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة الديناميكيات الاستخراجية الجديدة التي تسعى تونس إلى الهروب منها.

    2.2 إصلاحات الحوكمة: كسر الحلقة المفرغة

    لضمان انتقالٍ عادل وسيادي للطاقة، تحتاج تونس بشكلٍ عاجل إلى هيئةٍ تنظيمية مستقلة للإشراف على عقود الطاقة المتجددة وضمان المساءلة العامة. وحالياً لا توجد مثل هذه الهيئة المستقلة، ما يجعل حوكمة الطاقة عرضةً لصفقات غير شفافة وللتأثير الخارجي. لذلك، فإن إنشاء هيئة تنظيمية تتمتع بسلطة مراجعة العقود، وإنفاذ قوانين الإفصاح العام، وحماية عائدات الطاقة من أجل الخدمات العامة الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم، أمور بالغة الأهمية لضمان انتقال عادل وشفاف للطاقة.

    علاوة على ذلك، يجب تعزيز الشفافية في عقود الطاقة. إذ لا ينص قانون الطاقة المتجددة الحالي في تونس (القانون رقم 2015-12) على المشاركة العامة في مشاريع الطاقة واسعة النطاق، ما يسمح بإبرام الصفقات من دون مساهمة المجتمع المحلي. ولمعالجة هذه المشكلة، ينبغي أن تتضمن التعديلات فرض التشاور الإلزامي مع المجتمعات المحلية، والإفصاح العلني عن شروط العقد، وآليات واضحة لإبداء الاعتراضات قبل إبرام الاتفاقات.

    كما يجب أن يكون التقاسم العادل للمنافع حجر الزاوية في استراتيجية الطاقة في تونس، وأن تتضمن اتفاقات الطاقة المتجددة بنوداً اجتماعية ملزمة تضمن حصصاً محلية لتأمين فرص عمل، ما يقلّل من الاعتماد على العمالة والخبرات الأجنبية. بالإضافة إلى ذلك، يتعيّن إنشاء آليات لتقاسم الإيرادات بشكلٍ يُعيد استثمار جزء من الأرباح الناتجة عن مشاريع الطاقة المتجددة في المجتمعات المتضررة. والأهم من ذلك، ينبغي إنفاذ حماية استخدام المياه والأراضي لمنع التهجير واستغلال الموارد، ما يُخفف من مخاطر الضرر البيئي والاجتماعي.

    كما يُفترض تعزيز رقابة المجتمع المدني لمحاسبة كل من الحكومة ومستثمري القطاع الخاص. ويوجد في تونس العديد من منظمات المجتمع المدني النشطة التي تراقب حوكمة الطاقة، من ضمنها منظمة “I Watch” التي تركز على مكافحة الفساد؛ و”المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية” الذي يدافع عن العدالة الاقتصادية والبيئية؛ و”المرصد التونسي للاقتصاد” الذي يتتبع تمويل الطاقة وسياساتها. يجب أن تُمنح هذه المنظمات مكانةً قانونيةً للطعن في الصفقات غير الشفافة في المحاكم ومطالبة صانعي السياسات بالمساءلة، ما يضمن عدم تكرار أنماط الاستغلال والإقصاء السابقة في التحول في مجال الطاقة بتونس.

    ومن دون هذه الإصلاحات، تخاطر تونس بتكرار الأنماط التاريخية للتبعية في مجال الطاقة مرةً أخرى، إذ يحصل المستثمرون الأجانب على المنافع، بينما تتحمل المجتمعات المحلية التكاليف البيئية والاقتصادية للانتقال. ولا يمكن تحقيق انتقال عادل إلا إذا تم إصلاح هياكل الحوكمة لخدمة المصالح العامة وليس الخاصة.

    3.2. تأملات في السياق الإقليمي: تحدي الحوكمة المشتركة

    إن العجز في الحوكمة في قطاع الطاقة بتونس ليس فريداً من نوعه، فهو يعكس نمطاً إقليمياً أوسع في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا. وتواجه بلدان مثل الجزائر ومصر والمغرب تحديات مماثلة، إذ غالباً ما تعطي عملية صنع القرار المركزية وغير الشفافة في قطاع الطاقة الأولوية للاستثمارات الأجنبية على التنمية المحلية والحوكمة الديمقراطية.

    في الجزائر، تحتفظ الدولة برقابة صارمة على قطاع الطاقة، لكن الغموض البيروقراطي ومقاومة الإصلاح التنظيمي أعاقا جهود التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة. وأثار توسع مصر في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لا سيما من خلال ” محطة بنبان للطاقة الشمسية”، انتقاداتٍ بسبب تفضيل المستثمرين من القطاع الخاص مع الفشل في توزيع المنافع بشكلٍ عادل. وفي الوقت نفسه، جرى الترحيب بـ”محطة نور ورزازات للطاقة الشمسية” في المغرب باعتباره مشروعاً ناجحاً، لكنه كان غارقاً في نزاعات حول حقوق الأراضي ومشاركة محلية محدودة.

    يتطلب التحول العادل حقاً في مجال الطاقة في تونس وفي جميع أنحاء المنطقة أكثر من مجرد التوسع في مصادر الطاقة المتجددة؛ فهو يتطلب إصلاحات عميقة في الحوكمة لضمان الشفافية والشمولية والسيادة الوطنية على سياسات الطاقة. ويتمثل أحد السبل للمضي قدماً من خلال التعاون الإقليمي في إصلاحات الحوكمة، إذ يمكن لبلدان منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا تبادل أفضل الممارسات في شفافية العقود والمشاركة المجتمعية والتوزيع العادل للطاقة.

    ومن خلال التعلم من التجارب الإقليمية والضغط من أجل معايير الحوكمة الجماعية، يمكن لتونس وجيرانها منع التاريخ من تكرار نفسه – ما يضمن ألا يصبح التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة آلية أخرى من آليات السيطرة الخارجية وعدم المساواة.

    3. المجتمع المدني: جهة فاعلة رئيسية للمساءلة

    1.3. دور منظمات المجتمع المدني

    تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا محوريًا في الدعوة إلى العدالة في مجال الطاقة في تونس، وضمان حصول المجتمعات المهمشة على منبرٍ للتعبير عن مخاوفها، ومساءلة صانعي القرار في التحول إلى الطاقة المتجددة. وكما أشار محمد إسماعيل صبري، فإن منظمات المجتمع المدني لها دور حيوي في الدعوة إلى الشفافية والعدالة الاجتماعية والمشاركة المجتمعية في مبادرات الطاقة. فعملها أساسي لضمان عدم تجاهل التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة للاحتياجات المحلية أو الموارد البيئية.

    ومن أبرز الأمثلة الحديثة على نشاط هذه المنظمات الشعبية حركة “أنقذوا المياه” التي ظهرت استجابةً لتزايد ندرة المياه المتفاقمة بسبب مشاريع الطاقة واسعة النطاق، خصوصاً تلك المتعلقة بمبادرة وادي الهيدروجين الأخضر. وتلفت هذه الحركة التي تقودها منظمات غير حكومية بيئية محلية ومجموعات مجتمعية ونشطاء بيئيون، الانتباه إلى مخاطر الإفراط في استخراج الموارد المائية المحدودة أصلاً في تونس لإنتاج الطاقة المتجددة، لا سيما من خلال عمليات تحلية المياه لإنتاج الهيدروجين.

    في العام 2022، أدى مشروع وادي الهيدروجين الأخضر الذي يهدف إلى إنتاج الهيدروجين لتصديره إلى أوروبا، إلى تسريع الجهود المبذولة لتحلية مياه البحر في المناطق التي تعاني بالفعل من نقص المياه. واحتشدت المجتمعات المحلية، بدعمٍ من منظمات مثل “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، ضد احتمال أن يؤدي المشروع إلى تفاقم ندرة المياه. وجادلوا بأن مشاريع الطاقة لا ينبغي أن تأتي على حساب الموارد المائية المحلية. ومن خلال الاحتجاجات العامة، وحملات المناصرة، وإشراك المنتديات الدولية مثل الأمم المتحدة للمياه والمناقشات الإقليمية حول المناخ، نجحت الحركة في الضغط على الحكومة لإعادة النظر في التكاليف البيئية والاجتماعية لمثل هذه المشاريع. وعلى الرغم من استمرار مشروع وادي الهيدروجين الأخضر، إلا أنه أُجبر على معالجة المخاوف المتعلقة بإدارة المياه، ما يدل على فعالية المناصرة الشعبية في تشكيل السياسات.

    وعلى الرغم من هذه النجاحات، لا يزال المناخ السياسي الاستبدادي في تونس يشكل عائقاً كبيراً أمام فعالية منظمات المجتمع المدني. فالقيود المفروضة على التجمع والتمويل وحرية التعبير تحدّ من قدرتها على العمل باستقلالية أو تحدي قرارات الحكومة والشركات أو الدفاع عن المجتمعات المهمشة. وتؤدي سيطرة الدولة على تمويل المنظمات غير الحكومية إلى إضعاف استقلاليتها، ما يمنعها من العمل كجهات رقابية فعالة على مشاريع الطاقة، من ضمنها العاملة في قطاع الطاقة المتجددة.

    2.3. القيود والتحديات

    سلطت مناقشات المائدة المستديرة الضوء على العديد من الشواغل الملحة في ما يتعلق بالعجز الديمقراطي، وغياب الإرادة السياسية لسَنّ قوانين إصلاحاتٍ في مجال الحوكمة. وعلى وجه التحديد، لا يزال عدم إنفاذ قوانين مثل قانون المسؤولية الاجتماعية للشركات في تونس – المصمم لضمان مساهمة الشركات في التنمية المحلية – يمثل مشكلةً رئيسية. فعدم إنفاذه يعني أن الشركات المشاركة في مشاريع الطاقة المتجددة لا تساهم بشكلٍ كافٍ في تنمية المجتمع المحلي أو التخفيف من المخاطر الاجتماعية والبيئية المرتبطة بمشاريع الطاقة.

    وتعوق هذه القيود بشدة قدرة منظمات المجتمع المدني على إحداث تغييرٍ حقيقي في سياسة الطاقة. وفي غياب إطار قانوني قوي والتزام سياسي قوي، تُترك منظمات المجتمع المدني غالباً من دون أدواتٍ كافية لمساءلة الحكومة أو الشركات عن الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لمشاريع الطاقة. ويتفاقم ذلك بسبب مركزية صنع القرار التي تستبعد المجتمعات المحلية وتقوض المشاركة العامة في قطاع الطاقة.

    ويزيد المناخ السياسي الاستبدادي في تونس من تفاقم هذه التحديات. فمركزية السلطة تحدّ من قدرة منظمات المجتمع المدني على التأثير في صنع السياسات أو المطالبة بمساءلة الحكومة والمستثمرين من القطاع الخاص. ويُستهدف النشطاء غالباً بسبب نشاطهم في مجال المناصرة، فيواجهون الترهيب أو القيود المفروضة على حريتهم في التعبير.

    3.3 التوصيات الرئيسية

    واستناداً إلى الرؤى المستقاة من مناقشات المائدة المستديرة، برزت عدة توصيات رئيسية لتعزيز التعاون الإقليمي بين منظمات المجتمع المدني وتقوية دورها في حوكمة الطاقة:

    وينبغي على منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، إنشاء شبكاتٍ إقليميةٍ لإيصال أصواتها بشأن الطاقة والعدالة البيئية. ومن خلال اعتماد نهجٍ تعاوني، يمكن لهذه الشبكات أن تستفيد من المبادرات الناجحة مثل حركة حقوق السكان الأصليين في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، إذ اتحدت المنظمات الشعبية في جنوب الكرة الأرضية للدفاع عن حقوقها على الساحة العالمية. وعبر الجهود المنسقة، يمكن للمنظمات الإقليمية تبادل أفضل الممارسات لإشراك المجتمعات المحلية والحكومات في مناقشات سياسات الطاقة، بما يضمن أن تكون عمليات الانتقال إلى الطاقة المتجددة عادلة وشاملة للجميع.

    ولمواجهة قيود التمويل التي تُفرض غالباً في البيئات الاستبدادية، ينبغي على منظمات المجتمع المدني تطوير آليات تمويل بديلة تقلّل من الاعتماد على المصادر الوطنية. ويمكن للمؤسسات الدولية والمنظمات الخيرية ومبادرات التمويل الجماعي أن تقدم الدعم المالي الاستراتيجي، ما يسمح لمنظمات المجتمع المدني بالعمل بشكل مستقل والدعوة بشكلٍ أكثر فعالية إلى سياسات الطاقة المجتمعية. إن تنويع مصادر التمويل أمر ضروري لضمان أن تبقى هذه المنظمات قادرةً على الصمود في مواجهة الضغوط السياسية والاستمرار في مساءلة صانعي القرار.

    كما يمكن أن يؤدي تعزيز حوارات السياسات من خلال التعاون في ما بين بلدان الجنوب دوراً حاسماً في تعزيز العدالة في مجال الطاقة. فعبر تعزيز تبادل المعرفة حول التعبئة الشعبية واستراتيجيات المناصرة ونماذج التمويل البديلة، يمكن لمنظمات المجتمع المدني بناء شبكات أقوى وزيادة قدرتها على التأثير على السياسات. وستكون منصات مثل ورش عمل تبادل المعرفة حاسمةً في تيسير هذا التبادل، ما يسمح للناشطين والمنظمات في جميع أنحاء المنطقة بالتعلم من نجاحات وتحديات بعضهم البعض.

    إن إقامة شراكات مع بنوك التنمية الإقليمية والمؤسسات الدولية هي استراتيجية رئيسية أخرى لتأمين التمويل الذي يتماشى مع أولويات المجتمع المحلي. ومن خلال الاستفادة من هذه الشراكات، يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تضمن توجيه الموارد المالية نحو التنمية المحلية بدلاً من الأجندات الخارجية التي لا تلبي احتياجات المجتمعات المتضررة.

    وأخيراً، فإن تيسير منصات التعلم من الأقران عبر بلدان غرب آسيا وشمال أفريقيا، سيعزز القدرة التنظيمية لهذه المنظمات ومهارات الدعوة. وبإنشاء مساحات، يمكن لهذه المنظمات تبادل الخبرات ومناقشة استراتيجيات التأثير على السياسات وتعزيز شبكاتها، ستكون هذه المنظمات مجهزةً بشكلٍ أفضل للدفع باتجاه تحولات أكثر عدالةً وشفافيةً في مجال الطاقة التي تعطي الأولوية للعدالة الاجتماعية والبيئية.

    4. إعادة النظر في التعاون الدولي من أجل السيادة في مجال الطاقة

    يجب إعادة هيكلة التعاون الدولي في عملية انتقال الطاقة في تونس لخدمة المصالح الوطنية بدلاً من تعزيز أنماط التبعية. فالأطر الحالية التي يقودها الاتحاد الأوروبي، مثل (RePowerEU)، ومبادرة الربط الكهربائي الأوروبي (إلميد)، ومبادرة (MEDGRID)، تعطي الأولوية، إلى حدٍ كبير، لمتطلبات أوروبا من الطاقة، وغالباً ما تهمّش احتياجات تونس التنموية وتزيد الضغوط على الموارد، لا سيما في مجال المياه وتخصيص الأراضي. وعلى الرغم من تسويق هذه المشاريع على أنها فرص للنمو الاقتصادي، إلا أنها تخاطر بتحويل تونس إلى مجرد ممر لتصدير الطاقة، بينما تستمر المجتمعات الريفية في المعاناة من الحصول على الكهرباء. وإذا لم يجرِ تحدي هذا النموذج، فسيكرر الأنماط التاريخية نفسها لاستخراج الموارد، فتملي الجهات الفاعلة الخارجية مسار الطاقة في تونس على حساب السيادة المحلية.

    ولمواجهة ذلك، ينبغي على تونس تنويع شراكاتها بشكلٍ استباقي خارج الاتحاد الأوروبي، واستكشاف فرص الاستثمار مع الشركاء الأفارقة والآسيويين، مثل الصين التي قد تقدم نماذج مالية بشروطٍ أقل. وقد يتيح تعزيز العلاقات داخل أفريقيا ومنطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا الأوسع نطاقاً استراتيجيات الطاقة التي تتماشى بشكلٍ أوثق مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي المحلي بدلاً من الضرورات الخارجية التي يحركها الربح. ومع ذلك، فإن مجرد تحويل الاعتماد من جهة أجنبية إلى أخرى لن يكون كافياً. إذ يجب أن تستثمر تونس في هياكل الملكية المحلية، وتبتعد عن النماذج التي يقودها المستثمرون من أعلى إلى أسفل، إلى مشاريع الطاقة المتجددة التي يقودها المجتمع المحلي وتضمن توزيع منافع الطاقة بشكلٍ عادل. ونجحت دول مثل الدنمارك في تطبيق نماذج الطاقة القائمة على التعاون، إذ تمتلك المجتمعات المحلية بشكلٍ جماعي مزارع الرياح والطاقة الشمسية وتستفيد منها. ويمكن أن يوفر هذا النهج، إذا جرى تكييفه مع السياق التونسي، مساراً قابلاً للتطبيق نحو السيادة في مجال الطاقة، ما يقلّل من الاعتماد على التمويل الخارجي ويضمن أن تخدم مصادر الطاقة المتجددة الاحتياجات المحلية أولاً.

    وعلاوة على ذلك، فإن هياكل التمويل البديلة ضرورية للابتعاد عن نماذج الاستثمار المشروطة القائمة على القروض التي طالما قيدت مرونة السياسات في تونس. ويمكن لتمويل الطاقة القائم على التعاونيات، والصناديق الائتمانية العامة للطاقة، وآليات التمويل اللامركزية أن تمكّن المجتمعات المحلية من المشاركة في ملكية وإدارة مشاريع الطاقة المتجددة، ما يخفف من مخاطر احتكار الشركات.

    ومن دون الخروج الجذري عن المسار الحالي، سيبقى التحول في تونس في مجال الطاقة المتجددة عمليةً استخراجية جديدة تستفيد منها الكيانات الأجنبية بينما تتحمل تونس التكاليف. ويتطلب الانتقال العادل أكثر من مجرد إصلاحات تقنية أو زيادة الاستثمار الأجنبي؛ فهو يتطلب إعادة هيكلة أساسية لنماذج الحوكمة والملكية والتمويل لضمان أن يتشكل مستقبل الطاقة في البلاد على يد شعبها ومن أجله.

    5. الخاتمة

    تقف تونس على مفترق طرق حرج. فمن دون إصلاحاتٍ عاجلة في مجال الحوكمة، يهدد تحولها في مجال الطاقة بتعزيز التبعية التي تسعى إلى كسرها، ما يحوّل البلاد إلى مجرد ممرٍ لتصدير الطاقة إلى الأسواق الخارجية، بينما يواصل مواطنوها المعاناة من ارتفاع التكاليف وندرة الموارد. وإذا لم تُعالج هذه التحديات، ستتآكل سيادة تونس في مجال الطاقة أكثر، ما سيؤدي إلى تعميق التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية وتأجيج السخط الشعبي، في الوقت الذي تجني فيه الشركات متعددة الجنسيات والدول الأجنبية فوائد مواردها المتجددة.

    ولتجنب هذه النتيجة، يجب على صانعي السياسات التونسيين أن يأخذوا زمام المبادرة عبر ضمان شفافية الحوكمة، وفرض المساءلة في عقود الطاقة، وإعطاء الأولوية إلى  أمن الطاقة المحلي على المطالب الخارجية. ويتعيّن على منظمات المجتمع المدني تكثيف جهودها في مجال المناصرة والضغط على الحكومة والمستثمرين الدوليين على حدٍ سواء لدعم مبادئ العدالة والإنصاف في سياسات الطاقة. وفي الوقت نفسه، يتعين على الشركاء الدوليين إعادة التفكير في دورهم، والابتعاد عن نماذج الاستثمار الاستغلالية ودعم مبادرات الطاقة التي يقودها المجتمع المحلي وتعزز الاكتفاء الذاتي لتونس بدلاً من إدامة التبعية.

    إن التحول في مجال الطاقة في تونس ليس مجرد تحول تقني أو اقتصادي؛ بل هو كفاح من أجل السيادة والعدالة والاستدامة على المدى الطويل. وفي حال جرى التعامل معها بإصلاحاتٍ جريئة والتزامٍ بديمقراطية الطاقة، يمكن لتونس أن تشكل سابقة في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، ونموذجاً تخدم فيه مصادر الطاقة المتجددة الشعب أولاً، وليس فقط السوق العالمية. ومع ذلك، ومن دون اتخاذ إجراءات فورية، فإن البلاد تخاطر بتكرار الماضي: مقايضة شكل من أشكال التبعية بشكلٍ آخر، بينما يبقى مستقبل الطاقة في البلاد تحت سيطرة قوى خارجية. لقد حان وقت العمل الآن.

    تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.

    Arab Initiative Reform الأخضر الاستعمار تونس ستنجو من هل
    السابقالسلطة والخطاب.. نايف بن نهار وإعادة إنتاج المعنى في …
    التالي البرغوث يعيد المتمصدرين إلى الواجهة ..رياضة
    Info@rabsgroup.com
    • موقع الويب

    المقالات ذات الصلة

    ماذا يعني دخول قطاع غزة المرحلة الثالثة من التجويع؟

    أغسطس 2, 2025

    «فن الشارع» في دبي .. رؤية جمالية تنقل «الغرافيتي» من العشوائية إلى أداء وظيفة اجتماعية

    أغسطس 2, 2025

    كيف تمكنت النرويج من تأسيس أكبر صندوق سيادي عالمي؟

    أغسطس 2, 2025
    اترك تعليقاً إلغاء الرد

    loader-image
    طقس
    بيروت, LB
    2:40 ص, أغسطس 3, 2025
    temperature icon 27°C
    غيوم متناثرة
    69 %
    1009 mb
    3 mph
    Wind Gust: 0 mph
    Clouds: 75%
    Visibility: 6 km
    Sunrise: 5:51 am
    Sunset: 7:37 pm
    Weather from OpenWeatherMap
    تابعنا
    برامج

    التكريم مش محسوبيات … هبل #حوارات #اكسبلور #تيك_توك #ترند #فن #music

    يونيو 29, 2025

    نجوى كرم 5 stars ??? لا #حوارات #اكسبلور #تيك_توك #ترند #فن #music #نجوى_كرم

    يونيو 28, 2025

    بودكاست “مين مفكر حالك” | الملحن “سمير صفير”

    يونيو 27, 2025

    سمير صفير : eee kifeayaaa lekk #حوارات #اكسبلور #تيك_توك #ترند #فن #إلهام #music

    يونيو 25, 2025
    الأخيرة

    ريال مدريد يواجه أزمة في الليغا بسبب كأس العالم للأندية | رياضة

    يوليو 6, 2025

    تراث حصرون حي وعلى موعد مع التغيير : و”…بتمون” العنوان

    أبريل 20, 2025

    تزكية الدكتور مايكل الخوري لرئاسة بلدية رشدبين: تكريم مستحق لمسيرة من العطاء

    مايو 5, 2025

    صورة … لائحة حزبية من ١٣ شخصًا تُغيّب 572 عائلة حصرونية

    أبريل 22, 2025
    أخبار خاصة
    اخبار عالمية أغسطس 2, 2025

    كيف تفضح صورة الأسير الإسرائيلي الجائع نتنياهو؟

    لا مجال بعد اليوم أمام حكومة بنيامين نتنياهو لإنكار وجود مجاعة في غزة بعد الفيديو…

    لمحة عن الأسطول الأمريكي بعد قرار ترامب بتحريك غواصات نووية

    أغسطس 2, 2025

    ماذا يعني دخول قطاع غزة المرحلة الثالثة من التجويع؟

    أغسطس 2, 2025

    مع كل متابعة جديدة

    اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً

    الأكثر مشاهدة

    ريال مدريد يواجه أزمة في الليغا بسبب كأس العالم للأندية | رياضة

    يوليو 6, 20252٬170 زيارة

    تراث حصرون حي وعلى موعد مع التغيير : و”…بتمون” العنوان

    أبريل 20, 2025334 زيارة

    تزكية الدكتور مايكل الخوري لرئاسة بلدية رشدبين: تكريم مستحق لمسيرة من العطاء

    مايو 5, 2025311 زيارة

    مع كل متابعة جديدة

    اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
    للحصول على آخر الاخبار لحظة بلحظة

    © 2025 جميع الحقوق محفوظة. Rabs News
    • من نحن
    • اتصل بنا

    اكتب كلمة البحث ثم اضغط على زر Enter