■ لماذا قررتم إنتاج الفيلم الوثائقى «بنات الجماعة»؟
– قررنا إنتاج فيلم «بنات الجماعة» لكونه يتناول قضية مهمة وحساسة لم تُسلّط عليها الأضواء بالشكل الكافى، وهى الدور الذى تلعبه المرأة داخل الجماعات المتطرفة، وبخاصة جماعة الإخوان الإرهابية، التى تشكل قسم الأخوات بها على يد حسن البنا ثلاثينات القرن العشرين، ثم أُعيد إحياؤه خلال حقبة الأربعينات، واستمر فى تأدية أدواره ومهامه المكلف بها لخدمة أغراض الجماعة على مدار عقود وعقود حتى اليوم. ونسعى عبر هذا العمل إلى فهم أعمق لدور المرأة داخل الجماعة الإرهابية، سياسياً واجتماعياً وميدانياً أيضاً، وأعتقد أن هذا الوثائقى ضرورة فى الوقت الحالى من أجل قراءة أكثر عمقاً للجماعات المتأسلمة وأدواتها وخطابها، وحتى نحمى الأجيال الجديدة من الوقوع فى هذا الفخ، فخ بنات الجماعة.
■ ما أهم المحاور والرسائل التى يتضمنها الفيلم الوثائقى؟
– تتنوع محاور الفيلم فى محاولة لتقديم سردية شاملة ومعمقة للقضية المهمة التى نوثقها ونناقشها، وتشتمل المحاور على تفاصيل نشأة قسم الأخوات داخل جماعة الإخوان الإرهابية خلال ثلاثينات القرن العشرين، ومهام ووظائف قسم الأخوات داخل جماعة الإخوان الإرهابية، وتطور هذه المهام والوظائف فى حقب زمنية مختلفة، بما يخدم أهداف الجماعة، ودور قسم الأخوات بعد قرار حل التنظيم أواخر الأربعينات كحلقة وصل بين القيادات داخل السجون، وقواعد التنظيم فى الخارج، ودوره فى مخططات العنف والإرهاب التى شهدتها مصر خلال الخمسينات والستينات، إضافة إلى عمليات التجنيد والاستقطاب داخل الجامعات والنوادى وغيرها من مؤسسات المجتمع المدنى مع أواخر السبعينات، ما أسهم فى زيادة الحاضنة الشعبية للتنظيم. كما يسلط الفيلم الضوء على دور قسم الأخوات فى الخارج مع تأسيس التنظيم الدولى للجماعة فى النصف الأول من الثمانينات، إلى جانب توظيف الجماعة لعناصرها النسائية فى عمليات الحشد والتوجيه فى الاستحقاقات الانتخابية والاستفتاءات، وكذلك فى عمليات الحشد للميادين، واستخدام المرأة كدروع بشرية على الشاشات فى مظاهرات العنف والاعتصامات المسلحة، إلى جانب توظيفها ذراعاً فى العمليات الإرهابية أعقاب ثورة المصريين فى 30 يونيو 2013، كما يرصد كيف استلهمت تنظيمات إرهابية أخرى تجربة قسم الأخوات بجماعة الإخوان الإرهابية خلال السنوات الأخيرة التى شهدت أعمال فوضى وإرهاباً وسط إقليم صاخب.
■ فى رأيك، هل المرأة داخل الجماعات المتطرفة -وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية- فاعل رئيسى أم ضحية.. أم الاثنان معاً؟
– تكشف تجربة العمل على الفيلم أن المرأة داخل الجماعات المتطرفة يمكن أن تكون فاعلاً رئيسياً، وضحية فى الوقت ذاته. هناك حالات تؤكد أنها لعبت أدواراً مؤثرة فى عمليات التحريض والحشد وجمع الأموال ونقل المعلومات والتكليفات بين القادة والقواعد، بل وفى ممارسة العنف والإرهاب أيضاً، ولكن فى المقابل وُجدت نساء دخلن هذا المسار تحت ضغوط اجتماعية أو أسرية أو نتيجة ما نسميه بـ«عمليات غسل المخ»، فتحولن إلى ضحايا من دون وعى كامل، وبعضهن تمكن من أن يتخذن قراراً بالانشقاق والخروج من عباءة الجماعة. الفيلم حاول إبراز هذا التداخل المعقد بين دور الفاعل، ودور الضحية، فى الآن نفسه، دون تبسيط للصورة أو اختزالها فى جانب واحد.
■ هل «بنات الجماعة» يأتى كجزء من استراتيجية «الوثائقية» فى تقديم أعمال تواجه بها جماعات التأسلم السياسى؟ ما ملامح هذه الاستراتيجية؟
– نعم، الفيلم يأتى ضمن استراتيجية واضحة لقناة الوثائقية فى مواجهة جماعات التأسلم السياسى بموضوعية ومهنية. ترتكز هذه الاستراتيجية على إنتاج أعمال وثائقية متنوعة، بعضها يتناول قضايا معينة، وبعضها يتعرض لشخصيات من قادة هذا الفكر المتطرف، ونراعى فى كل أعمالنا المتعلقة بالتأسلم السياسى كشف حقيقة هذه الجماعات، مع الاعتماد على الوثائق والمستندات الرسمية والمواد الأرشيفية الخاصة والنادرة، وكذلك إشراك خبراء ومتخصصين من مجالات علمية متنوعة لتقديم قراءة دقيقة، إلى جانب التنوع فى الأساليب السردية من التحقيق والتوثيق إلى السرد التاريخى والشهادات الحية، بما يمنح صورة متعددة الأبعاد. كما تسعى الاستراتيجية إلى تسليط الضوء على أضرار الفكر المتطرف على الأسرة والمجتمع، وتحصين الأجيال الجديدة من أن يكونوا ضحايا محتملين لتلك الجماعات، وتمكين المشاهد من قراءة نقدية واعية تحفزه على التفكير بدلاً من التلقين.
■ قلت فى تصريحات سابقة إن «الوثائقيات سلاح مهم لمواجهة التطرف».. كيف ولماذا؟
– الوثائقيات سلاح فعال لمواجهة التطرف، لأنها تبرز الحقيقة الواقعية من خلال الشهادات والوثائق والمستندات، وبالتالى فهى ليست مجرد مادة رأى، بل حقائق نعمل على توثيقها بأدوات علمية. والوثائقيات قادرة على تحرير المشاهد فكرياً عبر تقديم مواد تحفزه على المعرفة والاطلاع والإدراك، وتسهم فى بناء مروية متكاملة غير مجتزأة ولا مغلوطة، وهذا هدفنا الأساسى، وهو تقديم مروية حقيقية لتاريخنا المصرى، وحماية الوعى العام، وتعزيز مناعة المجتمع الثقافية أمام محاولات الجماعات المتطرفة النفاذ إلى نسيجه الوطنى.
اعتمدنا على الموضوعية فى المعالجة والطرح والموثوقية وتحرى الدقة، حيث يستند العمل إلى حقائق موثقة بعيداً عن أى محاكمة مسبقة أو انحيازات سياسية، كما التزمنا بالتدقيق والتحقق التعمقى عبر الحصول على شهادات متنوعة من داخل وخارج الجماعة، ومن أكثر من مصدر، لضمان تعددية الرؤى وسلامة السردية. وقد تحققنا من جميع المصادر بالرجوع إلى وثائق رسمية ومستندات.

