أظهرت بيانات المندوبية السامية للتخطيط لشهر فبراير 2025 تراجعًا طفيفًا في الرقم الاستدلالي للأثمان عند الإنتاج لقطاع الصناعات التحويلية، باستثناء تكرير البترول، بنسبة 0.1% مقارنة بشهر يناير. جاء هذا التراجع مدفوعًا بانخفاض أسعار بعض القطاعات الرئيسية، وعلى رأسها الصناعات الغذائية التي شهدت تراجعًا بنسبة 1.0%، وقطاع التعدين الذي سجل أكبر انخفاض بنسبة 1.6%، بينما انخفضت أسعار نجارة الخشب ومنتجاته بنسبة 0.7%. هذه التراجعات قد تعكس انخفاض الطلب الداخلي والخارجي أو تراجع أسعار المواد الأولية، لا سيما في ظل استمرار التحديات الاقتصادية التي تواجه الأسواق العالمية.
في المقابل، حققت بعض القطاعات زيادات ملحوظة، حيث ارتفعت أسعار صناعة الأجهزة الكهربائية بنسبة 1.9%، وهي أعلى زيادة مسجلة خلال الشهر، مما قد يشير إلى ارتفاع الطلب على هذه المنتجات أو زيادة في تكاليف المواد الأولية والتصنيع. كما سجلت صناعة الورق والورق المقوى زيادة بنسبة 1.6%، وهو ما قد يكون مرتبطًا بارتفاع الطلب على منتجات التعبئة والتغليف. في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار المشروبات بنسبة 0.9%، بينما سجلت صناعة المنتجات المعدنية وصناعة الأثاث زيادات طفيفة بلغت 0.3% و0.2% على التوالي، إلى جانب تجهيزات المعلوماتية التي عرفت ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.1%.
أما القطاعات الأخرى، مثل الصناعات الاستخراجية، وإنتاج وتوزيع الكهرباء والماء، فقد سجلت استقرارًا في الأسعار دون أي تغييرات تُذكر، مما يعكس نوعًا من التوازن في هذه المجالات رغم تقلبات الأسواق.
يشير هذا التباين في الأسعار إلى عدة عوامل اقتصادية مؤثرة، إذ أن تراجع أسعار الصناعات الغذائية والتعدين قد يعكس ضغوطًا تنافسية قوية أو تباطؤًا في الطلب الداخلي والخارجي، بينما تعكس الزيادات في قطاعات الأجهزة الكهربائية والورق ارتفاعًا في تكاليف الإنتاج أو تحسنًا في الطلب الاستهلاكي والصناعي. كما يأتي هذا التحول في سياق اقتصادي يتسم بتقلبات في أسعار المواد الأولية عالميًا، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه قطاعي الصناعة والتعدين في المغرب بسبب تداعيات الأسواق الدولية. في المقابل، يشير ارتفاع الأسعار في بعض القطاعات الأخرى إلى استمرار التوجهات التضخمية القطاعية التي قد تؤثر على القدرة الشرائية والاستهلاك.
هذه التغيرات قد تؤثر على المؤشرات الاقتصادية العامة للمغرب، خصوصًا على مستوى التضخم الصناعي والتنافسية الإنتاجية، حيث أن استمرار تراجع بعض القطاعات قد يدفع الفاعلين الاقتصاديين إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم التجارية والإنتاجية، في حين أن القطاعات التي سجلت ارتفاعًا قد تحتاج إلى سياسات دعم للحفاظ على تنافسيتها وسط الزيادات في التكاليف.
بالمجمل، تعكس هذه الأرقام ديناميات الاقتصاد المغربي خلال فبراير 2025، ما يفرض ضرورة مراقبة تطورات الأسعار عند الإنتاج خلال الأشهر المقبلة لفهم الاتجاهات الاقتصادية العامة وتحديد تأثيراتها على الإنتاج المحلي والتجارة الخارجية. جدول بيانات المندوبية يوضح تطور الرقم الاستدلالي للأثمان عند الإنتاج حسب القطاعات والفروع، حيث شهدت الصناعات الغذائية انخفاضًا من 125.5 إلى 124.3، وقطاع التعدين تراجع من 120.4 إلى 118.5، بينما سجلت صناعة الأجهزة الكهربائية ارتفاعًا من 115.8 إلى 118.0، وصناعة الورق والورق المقوى من 109.3 إلى 111.0. هذه التحولات تؤكد استمرار التحديات التي تواجه بعض القطاعات الصناعية في المغرب، بينما تظهر فرص النمو في قطاعات أخرى، ما يستدعي مقاربة متوازنة في السياسات الاقتصادية لدعم استقرار الأسواق.